ويعكسون في غمرة الضلال، ف ﴿أعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل﴾ (1) وتوكلوا على الله، وكفى بالله وكيلا، وكفى بالله نصيرا.
قال: فلا هم نفروا ولا تيسروا، فتركهم أياما حتى إذا أيس من أن يفعلوا، دعا رؤساءهم ووجوههم فسألهم عن رأيهم وما الذي ينظرهم (2)؟ فمنهم المعتل، ومنهم المكره، وأقلهم من نشط، فقام فيهم خطيبا فقال:
عباد الله! ما لكم إذا أمرتكم أن تنفروا اثاقلتم إلى الأرض! أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة، وبالذل والهوان من العز! أو كلما ندبتكم إلى الجهاد دارت أعينكم كأنكم من الموت في سكرة، وكأن قلوبكم مألوسة (3) فأنتم لا تعقلون!
وكأن أبصاركم كمه فأنتم لا تبصرون.
لله أنتم! ما أنتم إلا اسود الشرى في الدعة، وثعالب رواغة حين تدعون إلى البأس، ما أنتم لي بثقة سجيس الليالي (4)، ما أنتم بركب يصال بكم، ولا ذي عز يعتصم إليه.
لعمر الله، لبئس حشاش الحرب أنتم! إنكم تكادون ولا تكيدون، ويتنقص أطرافكم ولا تتحاشون، ولا ينام عنكم وأنتم في غفلة ساهون، إن أخا الحرب اليقظان ذو عقل، وبات لذل من وادع، وغلب المتجادلون، والمغلوب مقهور ومسلوب.
ثم قال: أما بعد؛ فإن لي عليكم حقا؛ وإن لكم علي حقا، فأما حقكم علي