فخرج على شاطئ الفرات في طلبه حتى إذا بلغ عانات سرح أمامه هانئ بن الخطاب الهمداني، فاتبع آثارهم حتى إذا بلغ أداني أرض قنسرين (1) وقد فاتوه، ثم انصرف.
قال: فلبث علي (عليه السلام) ترى فيه الكآبة والحزن حتى قدم عليه سعيد بن قيس فكتب كتابا، وكان في تلك الأيام عليلا فلم يطق على القيام في الناس بكل ما أراد من القول، فجلس بباب السدة التي تصل إلى المسجد، ومعه الحسن والحسين (عليهما السلام) وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب، فدعا سعدا مولاه فدفع الكتاب إليه فأمره أن يقرأه على الناس، فقام سعد بحيث يسمع علي قراءته وما يرد عليه الناس، ثم قرأ الكتاب:
بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله علي إلى من قرئ عليه كتابي من المسلمين، سلام عليكم.
أما بعد، فالحمد لله رب العالمين، وسلام على المرسلين، ولا شريك لله الأحد القيوم، وصلوات الله على محمد والسلام عليه في العالمين.
أما بعد، فإني قد عاتبتكم في رشدكم حتى سئمت، أرجعتموني بالهزء من قولكم حتى برمت، هزء من القول لا يعاديه، وخطل من يعز أهله، ولو وجدت بدا من خطابكم والعتاب إليكم ما فعلت، وهذا كتابي يقرأ عليكم فردوا خيرا وافعلوه، وما أظن أن تفعلوا، فالله المستعان (2).