الفهري، فقدم المدينة، فأناخ راحلته عند باب المسجد، فدخل والنبي (صلى الله عليه وآله) جالس وحوله أصحابه، فجاء حتى جثا (1) بين يديه، ثم قال: يا محمد! إنك أمرتنا أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فقبلنا ذلك منك، وإنك أمرتنا أن نصلي في اليوم والليلة خمس صلوات، ونصوم شهر رمضان، ونزكي أموالنا، ونحج البيت، فقبلنا ذلك منك، ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك ففضلته وقلت:
من كنت مولاه فعلي مولاه! فهذا شيء من الله أو منك؟!
فاحمرت عينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: والله الذي لا إله إلا هو إنه من الله وليس مني - قالها ثلاثا -.
فقام الحارث وهو يقول: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك - وفي رواية:
اللهم إن كان ما يقول محمد حقا - فأرسل علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم!
فوالله ما بلغ باب المسجد حتى رماه الله بحجر من السماء، فوقع على رأسه، فخرج من دبره فمات!
وأنزل الله تعالى: (سأل سائل بعذاب واقع * للكفرين ليس له دافع) الآية. وكان ذلك اليوم الثامن عشر من ذي الحجة (2).
836 - تفسير القرطبي - في تفسير قوله تعالى: (سأل سائل بعذاب واقع) -: قيل:
إن السائل هنا هو الحارث بن النعمان الفهري. وذلك أنه لما بلغه قول النبي (صلى الله عليه وآله) في علي (رضي الله عنه): " من كنت مولاه فعلي مولاه " ركب ناقته فجاء حتى أناخ راحلته بالأبطح، ثم قال: يا محمد! أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك