قال: ففشت هذه في الناس، فبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهري، فرحل راحلته ثم استوى عليها - ورسول الله (صلى الله عليه وآله) إذ ذاك في الأبطح (1) - فأناخ ناقته ثم عقلها، ثم أتى النبي (صلى الله عليه وآله) فسلم، ثم قال: يا عبد الله! إنك دعوتنا إلى أن نقول: لا إله إلا الله، فقلنا، ثم دعوتنا إلى أن نقول: إنك رسول الله، فقلنا وفي القلب ما فيه! ثم قلت لنا: صلوا، فصلينا، ثم قلت لنا: صوموا، فصمنا، ثم قلت لنا: حجوا فحججنا، ثم قلت لنا: " من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه "، فهذا عنك أو عن الله؟!
فقال له: بل عن الله - فقالها ثلاثا -.
فنهض وإنه لمغضب، وإنه يقول: اللهم إن كان ما يقول محمد حقا، فأمطر علينا حجارة من السماء تكون نقمة في أولنا وآية في آخرنا؛ وإن كان ما يقول كذبا فأنزل به نقمتك!
ثم استوى على ناقته فأثارها (2)، فلما خرج من الأبطح رماه الله بحجر على رأسه، فخرج من دبره، فسقط ميتا!
فأنزل الله تبارك وتعالى: (سأل سائل بعذاب واقع * للكفرين ليس له دافع * من الله ذي المعارج) (3).
835 - السيرة الحلبية: قال بعضهم: ولما شاع قوله (صلى الله عليه وآله): " من كنت مولاه فعلي مولاه "، في سائر الأمصار وطار في جميع الأقطار؛ بلغ الحارث بن النعمان