وقد قايضوا الأرواح بالخلد والظما برشف فرند.....
فينتقل من الرشف وهو شرب على رقة للسوائل من المشروبات إلى الاحتساء الذي هو شرب أيضا ولكنه للأغذية الصلبة التي أسيلت فتشرب حارة عادة، فدخل البيت إلى منطقة القلق في المعاني بعبارة (يحتسون بها الصهبا) فكان الجمال في التصور والتأمل لكن الألفاظ خانت التعبير.
وكذلك الحال في أكثر من موضع حيث تنقلب الأعجاز على الصدور الجميلة فتخنقها فمثلا :
على وجل يخفقن من كل همسة....
فأنت الذي في العين يذكي سناءها.....
ويا مبسما يحكي شفاه محمد.....
من أين تأتى لهذا الغريد الفذ أن يكبو هذه الكبوة؟
في نظري أن آل زرع اختار أن يتحدى قالبا شعريا من أعسر القوالب في اختياره بحر الطويل التام وفي اختياره لحرف الباء المفتوح كروي لقصيدته، فبحر الطويل التام أطول بحور الشعر العربي قاطبة وخصوصا في الأعجاز التي يستمر الشاعر في النظم عليها إلى نهاية القصيدة، فعلى الشاعر أن يحشو فيه بكثرة لكي يصل إلى آخره، فلم يستطع الأفذاذ من شعراء العربية أن يكتبوا به نتاجهم الأفضل منذ امرئ القيس في:
ألا أنعم صباحا أيها الطلل البالي * وهل ينعمن من كان في العصر الخالي؟
وهذا الحكم سائر على القصيدة العربية المنظومة به كقاعدة قابلة للاستثناء.
وإذا أضفنا أن آل زرع اختار حرف الباء المفتوح كروي لقافيته فستزداد