إنها ليلة عاشوراء التي أعاد صبحها أحداث بدر الكبرى، مجسمة حية على رمال كربلاء، حيث تصارع الكفر والايمان، وانهزم فيها السيف الجبان، وانتصر الحق بحد اللسان وكانت كلمة الله هي العليا، وكلمة الكفر هي السفلى.
صحيح أن أحداث ليلة عاشوراء قد غشيها الظلام، إلا أن الحسين (عليه السلام) جعل من ذلك الليل المظلم شموسا وأقمارا تضئ التلال والآكام، وتدل على الحق وتعرف أهله، وتشخص الباطل وتلعن أهله في كل عصر وجيل.
وإذا ما نظرنا بعين الاعتبار في هذه الليلة العظيمة أدركنا أهمية هذه الليلة وضرورة الاطلاع عليها وعلى أبعادها العقائدية والأخلاقية والاجتماعية وغيرها، ودراستها وفهم ما أراده سيد الشهداء (عليه السلام) منها.
ولا ندعي استيعاب جميع ما فيها من أبعاد، فهي أوسع من أن تحصر أو تعد لأنها الحد الفاصل بين محض الايمان ولبابه، وبين مكر الشيطان وأوليائه، إلا أن ما لم يدرك كله لا يترك جله، وفي إدراك اليسير النافع من أبعاد هذه الليلة ومحاولة الاستفادة منها وتجسيدها على أرض الواقع هو ما نرجوه ومن الله التوفيق والعون.