أصول الفرق دون فروعها. وقال الكوثري: إن تشعب الفرق لا ينتهي إلى انتهاء تاريخ البشر، فلا يصح قصر العدد على فرق دون فرق، ولا على قرن دون قرن، لاستمرار ابتكار أهواء وتلفيق آراء، مدة دوام الحياة البشرية في هذا العالم. فالكلام في الفرق من غير تقيد بعدد هو الا بعد عن الحكم، وهو الذي لا يكون مدعاة لهزء الهازئين من غير أهل هذا الدين. 7 واختلفوا في تعديد الفرق وتفصيل معتقداتهم، وقد وقعوا في اشتباهات وجهالات في هذا المقام، وقالوا عن الشيعة وغيرهم ما يدل على جهلهم بأوضح المطالب التاريخية والكلامية مما ليس هنا محل ذكره.
واخترعوا مذاهب وفرقا لم تخرج بعد إلى عالم الوجود، فراجع " الفصل " لابن حزم، و " الملل والنحل " للشهرستاني، و " التبصير " لأبي المظفر الأسفرايني، وغيرها.
فلا ينبغي الاستناد في نقل مذهب أي فرقة من فرق المسلمين على مثل هذه الكتب المليئة بالخرافات والجهالات، وما فيه شين للاسلام والمسلمين، والجامعة بين الغث والسمين، والصحيح والسقيم، و أعاجيب الأكاذيب. وإن شئت أن تكتب عن طائفة أو شخص من المسلمين وغيرهم، فلا تعز إلى شخص، ولا فرقة من الفرق، إلا ما سجل في كتبهم المعتمدة ومؤلفاتهم المعتبرة، ولا تلزم أحدا منهم بلازم قوله إلا إذا كان لازمه لزوما بينا.
واستشكلوا أيضا في كفر هذه الفرق ما عدا واحدة منها. فعن الشاطبي: أهل السنة لا يكفرون كل مبتدع، بل يقولون بإيمان أكثر الطوائف التي فسروا بها الفرق، (ورجح) ان الحكم بكون هذه الفرق في النار ما عدا الجماعة الملتزمة لما كان عليه - صلى الله عليه وآله - هو وأصحابه، لا يقتضي أنها كلها خالدة خلود الكفار. فجوز أن