أبي ذر وسلمان والمقداد وعمار وسعد بن معاذ وخزيمة بن ثابت وابن التيهان وخباب بن الأرت وحجر بن عدي وعمرو بن الحمق الخزاعي و غيرهم، وبهؤلاء الرجال والآلاف من الجهابذة والابطال ورجال التضحية والاباء والمثل الانسانية العليا، الذين أنجبهم الاسلام، خلال أربعة عشر قرنا، تعرف قيمة تربية الاسلام وأهدافه ومقاصده.
ولا يعاب على الاسلام أو الدعوة إن ظهر فيها أشقى البرية كابن ملجم المرادي ويزيد ومسلم بن عقبة والحجاج، بل يجب أن نعرف الأسباب التي دعت للقيام في وجه هذه الدعوة، ومسخها حتى آل أمر الأمة إلى حكومة هؤلاء.
فلا ينبغي لنا تبرئة الخاطئين والخائنين رغم المصادر الوثيقة، ورغم ما نعرف عنهم من الخطأ والخيانة، من أجل أن لا يسئ أحد ظنه، خاصة إذا كان يجهل الأمور، ولا يعلم المقاييس الصحيحة، فإن الاسلام أعلى وأقوى برهانا من أن يمس كرامته هذا الزعم الفاسد.
وهذا المنطق يؤدي بنا، إذا ما أحسنا الظن واعتبرنا ما فعله بعض السلف والصحابة، حسنا وسليما وشرعيا، إلى اتهام الاسلام و تعاليمه، بأن هذه التعاليم وهذه المناهج لا تهدي - والعياذ بالله - إلى الرشاد والعدل والمساواة، والمواساة وإلى الصلاح والاصلاح.
والحق هو إسناد كل فعل حسن، صدر منهم إلى الاسلام و تربيته، وإلى هدى القرآن، وإسناد أفعالهم المخالفة لهدى القرآن وغير اللائقة بشأنهم، إلى أنفسهم.
فمثلا وقعة الحرة وأضرابها من الوقائع الكثيرة، التي وقعت أيام خلفاء بني أمية وبني العباس والتي سودت وجه التاريخ، ليست من آثار دعوة الاسلام، ولا علاقة لها - بعيدة أو قريبة - بالاسلام والتربية