كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٢٥٢
عبيد الدنيا، والدين لعق على ألسنتهم، يحوطونه ما درت معائشهم، فإذا محصوا بالبلاء قل الديانون " (1).
ومن الطبيعي أن يسمع الحر وأصحابه ما قاله الإمام الحسين، فهم يراقبونه مراقبة دقيقة، ويتابعون أوامره لأصحابه، ومن الطبيعي جدا أن يكتبوا لعبيد الله بن زياد أو أن ينقلوا له كل ما قاله الإمام أو صرح به، لأن هذا من صميم مهامهم.
التهيؤ للرحيل:
أمر الحسين أن يتهيأوا للرحيل ففعلوا، ثم أمر مناديه فنادى بالعصر وأقام، فصلوا جميعا خلفه وبعد الصلاة انصرف بوجهه إليهم ثم قال:
" أما بعد أيها الناس فإنكم إن تتقوا الله، وتعرفوا الحق لأهله تكن أرضى لله عنكم، ونحن أهل بيت محمد، وأولى بولاية هذا الأمر عليكم من هؤلاء المدعين ما ليس لهم، والسائرين فيكم بالجور والعدوان، فإن أبيتم إلا الكراهية لنا، والجهل بحقنا، وكان رأيكم الآن غير ما أتتني به كتبكم، وقدمت به علي رسلكم انصرفت عنكم " (2).
فقال الرجل: أبا عبد الله لسنا من القوم الذين كتبوا إليك، وقد أمرنا إن لقيناك، ألا نفارقك حتى نأتي بك على الأمير (3). فتبسم الحسين ثم قال: " الموت أدنى إليك من ذلك " (4).
قال الحر: " يا حسين إني أذكرك الله في نفسك فإني أشهد لئن قاتلت لتقتلن ".
إن نظام التخويف جزء من الخطط العسكرية العربية، وقد مارسها العرب، فاستأجروا طوال التاريخ أصحاب الألسن لتخويف أعدائهم، ويبدو أن أكثرية

(١) بحار الأنوار للمجلسي ج ٧٨ ص ١١٦، ومقتل الحسين للخوارزمي ج ١ ص ٢٢٧.
(٢) الإرشاد للمفيد ص ٢٢٤، والكامل لابن الأثير ج ٢ ص ٥٥٢، واللهوف ص ٣٤، وأعيان الشيعة ج ١ ص ٥٩٦، وبحار الأنوار ج ٤٤ ص ٣٧٧، ووقعة الطف ص ١٧٠.
(٣) الفتوح ج ٥ ص ٨٧، ومقتل الحسين للخوارزمي ج ١ ص ٢٣٢، وبحار الأنوار ج ٤٥ ص ٢٣٨.
(4) المصدر السابق.
(٢٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 ... » »»
الفهرست