عبيد الدنيا، والدين لعق على ألسنتهم، يحوطونه ما درت معائشهم، فإذا محصوا بالبلاء قل الديانون " (1).
ومن الطبيعي أن يسمع الحر وأصحابه ما قاله الإمام الحسين، فهم يراقبونه مراقبة دقيقة، ويتابعون أوامره لأصحابه، ومن الطبيعي جدا أن يكتبوا لعبيد الله بن زياد أو أن ينقلوا له كل ما قاله الإمام أو صرح به، لأن هذا من صميم مهامهم.
التهيؤ للرحيل:
أمر الحسين أن يتهيأوا للرحيل ففعلوا، ثم أمر مناديه فنادى بالعصر وأقام، فصلوا جميعا خلفه وبعد الصلاة انصرف بوجهه إليهم ثم قال:
" أما بعد أيها الناس فإنكم إن تتقوا الله، وتعرفوا الحق لأهله تكن أرضى لله عنكم، ونحن أهل بيت محمد، وأولى بولاية هذا الأمر عليكم من هؤلاء المدعين ما ليس لهم، والسائرين فيكم بالجور والعدوان، فإن أبيتم إلا الكراهية لنا، والجهل بحقنا، وكان رأيكم الآن غير ما أتتني به كتبكم، وقدمت به علي رسلكم انصرفت عنكم " (2).
فقال الرجل: أبا عبد الله لسنا من القوم الذين كتبوا إليك، وقد أمرنا إن لقيناك، ألا نفارقك حتى نأتي بك على الأمير (3). فتبسم الحسين ثم قال: " الموت أدنى إليك من ذلك " (4).
قال الحر: " يا حسين إني أذكرك الله في نفسك فإني أشهد لئن قاتلت لتقتلن ".
إن نظام التخويف جزء من الخطط العسكرية العربية، وقد مارسها العرب، فاستأجروا طوال التاريخ أصحاب الألسن لتخويف أعدائهم، ويبدو أن أكثرية