كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٢٥٤
إقناع الأكثرية الساحقة من رجال الطليعة، ولو تم ذلك لربما تغير مجرى التاريخ، ولكن وحسب تعبير الإمام: " لقد حال القضاء دون الرجاء ".
وما يعنينا أن الإمام الحسين قد أسمع صوت الحق لقائد طليعة جيش بني أمية ولمنتسبي تلك الطليعة، وأقام الحجة كاملة عليهم، وشهدوا بذلك على أنفسهم من حيث لا يشعرون، فعصوه وهم يعلمون أن طاعته هي الأولى، وخذلوه وهم يعلمون أن الله تعالى فرض عليهم نصرته، فجاء عصيانهم وخذلانهم بعد إقامة الحجة، ومع سبق الترصد والإصرار، ولم ييأس الإمام الحسين، إنما تابع جهده لكسب هذه الطليعة وللتضييق عليها إمعانا بإقامة الحجة أثناء مسيرته.
البيضة:
سار الحسين بأصحابه في ناحية، وسار الحر بطليعة جيش الفرعون بناحية أخرى حتى وافوا البيضة (1) وفي البيضة عاود الإمام الحسين المحاولة، فخطب في أصحابه وأصحاب الحر قائلا: " أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: " من رأى منكم سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله، ناكثا لعهد الله، مخالفا لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان فلم يغير عليه بفعل ولا قول، كان حقا على الله أن يدخله مدخله، ألا وإن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد، وعطلوا الحدود، واستأثروا بالفئ، وأحلوا حرام الله، وحرموا حلاله، وأنا أحق من غير، قد أتتني كتبكم، وقدمت علي رسلكم ببيعتكم. إنكم لا تسلموني، ولا تخذلوني فإن تممتم على بيعتكم تصيبوا رشدكم، فأنا الحسين بن علي، وابن فاطمة بنت رسول الله، نفسي مع أنفسكم، وأهلي مع أهليكم، فلكم في أسوة، وإن لم تفعلوا ونقضتم عهدكم، وخلعتم بيعتي من أعناقكم، فلعمري ما هي لكم بنكر، لقد فعلتموها بأبي وأخي وابن عمي مسلم، والمغرور من اغتر بكم، فحظكم أخطأتم، ونصيبكم ضيعتم * (فمن نكث فإنما

(١) البيضة: موضع بين العذيب وواقصة من ديار بني يربوع، معجم البلدان ج ١ ص ٥٣٢.
(٢٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327