ترتيبات المسير:
قال الحر: " أبا عبد الله إني لم أؤمر بقتالك، وإنما أمرت أن لا أفارقك، أو أقدم بك على ابن زياد، وأنا والله كاره،.... ولكن يا أبا عبد الله لست أقدر الرجوع إلى الكوفة في وقتي هذا، ولكن خذ عني هذا الطريق، وامض حيث شئت حتى أكتب إلى ابن زياد، إن هذا خالفني في الطريق فلم أقدر، وأنا أنشدك الله في نفسك، فقال الحسين: كأنك تخبرني أني مقتول، فقال الحر: أبا عبد الله نعم ما أشك في ذلك إلا أن ترجع من حيث جئت، فقال الحسين: لا أدري ما أقول، ولكني أقول كما قال أخو الأوس:
سأمضي وما بالموت عار على الفتى * إذا ما نوى خيرا وجاهد مسلما وواسى الرجال الصالحين بنفسه * وفارق مذموما وخالف مجرما أقدم نفسي لا أريد بقاءها * لتلقى خميسا في الوغاء عرمرما فإن عشت لم ألم وإن مت لم أذم * كفى بك ذلا أن تعيش مرغما (1) وعلى أي حال وبعد عدة اجتماعات بين الإمام وبين قائد طليعة هذا الجيش، حدث نوع من الاتفاق غير المعلن، فقد تابع الإمام سيره بهذه الظروف، وقام الحر وأصحابه بمسايرة الإمام ومراقبته، وما زالوا كذلك قد استقر الإمام نهائيا في كربلاء أو أن الحر قال: خذ طريقا لا يدخلك الكوفة، ولا تردك إلى المدينة تكون بيني وبينك نفقا حتى أكتب للأمير.
وقائع ما حدث في ذي حم:
قلنا إن الإمام قد عرف أن الحر وأصحابه الذين يبلغون ألف فارس هم طليعة جيش بني أمية، وأن مهمتهم منحصرة في مراقبة الإمام ومسايرته، ومنعه من العودة إلى المدينة، ومنعه من دخول الكوفة، وليس هنالك ما يمنع تلك الطليعة من أن تقتاد الإمام إلى عبيد الله بن زياد إن استطاعت إلى ذلك سبيلا، فإن