كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٢٤٩
لكان من الممكن أن تتغير نتيجة المعركة.
ويلاحظ أيضا أن بعض الذين انضموا للإمام الحسين في محطات رحلات الشهادة، قد انضموا من باب (الوجاهة)، حتى يقولوا في ما بعد إنهم رافقوا الحسين، وإنهم كانوا موضع ثقته، ومن خلص مستشاريه، وليس من المستعبد أنهم قد أقاموا اتصالات مع أولياء عبيد الله بن زياد، وهكذا أظهروا أنفسهم بمظاهر البطولة، والمغامرة، وهم لا يدرون أنهم أقاموا الحجة عليها، وشهدوا على أنفسهم من حيث لا يشعرون، وتخلقوا بأخلاق المنافقين فقالوا للإمام: إنا معك، أو أوحوا بذلك، وقالوا لجنود الطاغية: إنا معكم أو أوحوا لهم بذلك، فلما خلوا إلى شياطينهم * (قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزءون) * [البقرة / 14].
ويلاحظ أيضا أن بعض الوعاظ الذين تثاقلوا عن نصرة الإمام وأهل بيت النبوة، وخذلوهم وهم بأمس الحاجة إليهم، صاروا في ما بعد ثوارا ونصروا ابن الزبير، وقاتلوا الجيش الأموي في المدينة، كما فعل ابن مطيع العدوي، فقد ترأس قريش يوم الحرة، وانضم إلى ابن الزبير، وقاتل معه، وتولى له الكوفة.
المرحلة الثانية من رحلة الشهادة بدأت هذه المرحلة من اللحظة التي اكتشف فيها الإمام وجود طليعة لجيش بني أمية تسايره، وتراقب حركاته وسكناته، وبالتحديد بجبل ذي حسم يوم تقابل الإمام وصحبه مع طليعة هذا الجيش، فلم يعد الإمام حرا بحركته، إنما عليه أن يدرس رد فعل طليعة هذا الجيش على هذه الحركة، أنظر إلى قول الإمام لأصحابه: " احملوا النساء ليركبوا حتى ننظر ما الذي يصنعه هذا وأصحابه ". قيل:
فركب أصحاب الحسين، وساقوا النساء بين أيديهم، فقدمت خيل الكوفة حتى حالت بينهم وبين المسير، فضرب الحسين يده إلى سيفه ثم صاح بالحر: " ثكلتك أمك ما الذي تريد أن تصنع؟ فقال الحر: لا بد أن أنطلق بك إلى عبيد الله بن زياد، فقال له الحسين: إذا والله لا أتبعك أو تذهب نفسي، فقال الحر: إذا والله لا أفارقك أو تذهب نفسي وأنفس أصحابي ".
(٢٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327