لكان من الممكن أن تتغير نتيجة المعركة.
ويلاحظ أيضا أن بعض الذين انضموا للإمام الحسين في محطات رحلات الشهادة، قد انضموا من باب (الوجاهة)، حتى يقولوا في ما بعد إنهم رافقوا الحسين، وإنهم كانوا موضع ثقته، ومن خلص مستشاريه، وليس من المستعبد أنهم قد أقاموا اتصالات مع أولياء عبيد الله بن زياد، وهكذا أظهروا أنفسهم بمظاهر البطولة، والمغامرة، وهم لا يدرون أنهم أقاموا الحجة عليها، وشهدوا على أنفسهم من حيث لا يشعرون، وتخلقوا بأخلاق المنافقين فقالوا للإمام: إنا معك، أو أوحوا بذلك، وقالوا لجنود الطاغية: إنا معكم أو أوحوا لهم بذلك، فلما خلوا إلى شياطينهم * (قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزءون) * [البقرة / 14].
ويلاحظ أيضا أن بعض الوعاظ الذين تثاقلوا عن نصرة الإمام وأهل بيت النبوة، وخذلوهم وهم بأمس الحاجة إليهم، صاروا في ما بعد ثوارا ونصروا ابن الزبير، وقاتلوا الجيش الأموي في المدينة، كما فعل ابن مطيع العدوي، فقد ترأس قريش يوم الحرة، وانضم إلى ابن الزبير، وقاتل معه، وتولى له الكوفة.
المرحلة الثانية من رحلة الشهادة بدأت هذه المرحلة من اللحظة التي اكتشف فيها الإمام وجود طليعة لجيش بني أمية تسايره، وتراقب حركاته وسكناته، وبالتحديد بجبل ذي حسم يوم تقابل الإمام وصحبه مع طليعة هذا الجيش، فلم يعد الإمام حرا بحركته، إنما عليه أن يدرس رد فعل طليعة هذا الجيش على هذه الحركة، أنظر إلى قول الإمام لأصحابه: " احملوا النساء ليركبوا حتى ننظر ما الذي يصنعه هذا وأصحابه ". قيل:
فركب أصحاب الحسين، وساقوا النساء بين أيديهم، فقدمت خيل الكوفة حتى حالت بينهم وبين المسير، فضرب الحسين يده إلى سيفه ثم صاح بالحر: " ثكلتك أمك ما الذي تريد أن تصنع؟ فقال الحر: لا بد أن أنطلق بك إلى عبيد الله بن زياد، فقال له الحسين: إذا والله لا أتبعك أو تذهب نفسي، فقال الحر: إذا والله لا أفارقك أو تذهب نفسي وأنفس أصحابي ".