معي شئ، وأن الناس لا يعدلوه بي، فود أني خرجت منها لتخلو له " (1). هذه نماذج من مقابلة الإمام لبعض ملأ القوم في مكة.
ويبدو واضحا أن عبد الله بن عباس مشفق وناصح، وصادق العاطفة نحو الإمام الحسين، ولكن شيخوخته وطعنه في السن إلى جانب مرضه وفقدانه لبصره قد منعاه من الخروج معه.
أما عبد الله بن عمر فهو يطمع بالخلافة ذات يوم، ولم لا؟ فهو ابن عمر الذي قاد بطون قريش ال 23، وواجه النبي نفسه، وعين الخليفة الذي أراد، ثم ورث دولة مستقرة بعد موت الخليفة الأول، وبقدرة قادر صار حبيب الجماهير وفاتنها، لقد ورث ابن عمر تاريخا، لكنه لا يريد أن يخرج كما خرج الإمام الحسين، فلو خرج مع الإمام الحسين لكان خروجه لمصلحة غيره!! ولدخل في مقامرة قد تنجح ويأخذ ثمرتها غيره، أو لا تنجح فيدفع ضريبة هو في غنى عنها، والأفضل له أن يصافح الخليفة وأركان دولته، وأن يجاملهم بل ويساعدهم ويشجع الناس على بيعتهم تحت شعار الدخول في الصلح ووحدة المسلمين!!!
فيتجنب شر الخليفة وأركان دولته وينال نصيبا وافرا مما في أيديهم، فيبقى هو العلم بوصفه ابن الخليفة، وهو الرقم الصحيح من رعية كلها أصفار أو كسور، لذلك اختار ابن عمر أن يكون دائما مع أو الغالب وهو صاحب النظرية الشهيرة التي صارت في ما بعد مبدءا دستوريا من مبادئ دولة الخلافة " نحن مع من غلب " (2) ومع هذا فإن ابن عمر لم يقطع صلته بالمعارضة فهو يبكي أمام الإمام الحسين، ويوحي له بأنه متعاطف معه ومشفق عليه، ويرى ما لم يره الإمام، ويتمنى على الإمام أن يدخل في صلح يزيد وأن يبايع يزيد، وأن يعود إلى المدينة ليصبح مطيعا كرعية يزيد، من الطبيعي أن يزيد وأركان دولته سيسمعون بكل ما قاله عبد الله بن عمر وسيرتاحون لموقفه، ويغدقون عليه الصلات والعطايا باعتباره حكيما من حكماء دولة الخلافة، وهكذا يقنع عبد الله بن عمر نفسه بأنه مع