مصيره لأن القوم إنما يطلبونه، فإن ظفروا به (ذهلوا عن غيره)، وبين لهم الإمام بأنه ليس له في أعناقهم بيعة ولا عليهم ذمة، وأنه راض منهم، لكن أهل بيت النبوة، والنخبة التي التحقت به من أبناء الأمة الإسلامية رفضت ذلك رفضا قاطعا، ورأت أن ذلك عار الدنيا وشنارها إذا تركت إمامها وحيدا للوحوش الكاسرة، وفي صبيحة المذبحة، أراد شباب أهل بيت النبوة أن يتقدموا للقتال، فأبت تلك النخبة المباركة، وأصرت على أن تقاتل بين يدي الإمام وأهل بيت النبوة حتى تفديهم وتموت دونهم.
أولئك هم أصحاب الحسين، وأولئك هم الرجال الذين اختارهم الله من أمة كاملة ليموتوا بين يدي الإمام الحسين، وأهل بيت النبوة، ولينالوا شرف الشهادة دفاعا عن الحق وأهله، وهم قلة لا يتجاوز عددهم التسعين رجلا!! ومن المدهش حقا، أن فيهم عربا وموالي، وفيهم من عرب الشمال وعرب الجنوب، وفيهم الشباب وفيهم الشيوخ.
الناجون الراشدون:
قال الإمام الحسين: " وإنما أدعوكم إلى سبيل الرشاد، فمن أطاعني كان من المرشدين، ومن عصاني كان من المهلكين " (1) فالذين اتبعوا الإمام الحسين كانوا من الناجين الراشدين، والذين لم يتبعوه كانوا من الهالكين، لأن الإمام الحسين كان كما كان جده وأبوه المعيار الموضوعي بين الحق والباطل، وبين النجاة والهلاك.
حزب الله وحزب الشيطان:
قال الإمام الحسين لأصحابه: " أصحابي إن القوم قد استحوذ عليهم الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون، وأنشد يقول:
تعديتم يا شر قوم ببغيكم * وخالفتم فينا النبي محمدا