كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ١٥٣
أعظم من أبيه علي، ومن هذا هدد أبوه بالموت إن لم يبايع (1) أمام المهاجرين ولم يحركوا ساكنا، وهم الخليفة الأول ونائبه بإحراق بيت فاطمة بنت محمد على من فيه وفيه علي والحسن والحسين، وشرعوا بإحراق البيت بالفعل ولم يتعرض أحد من المهاجرين على هذا العمل الفظيع، واكتفى المهاجرون بالتفرج على ما يحدث، أو شاركوا بما يحدث، وبالتالي لا ينبغي للإمام الحسين أن يتأمل بسكان المدينة من المهاجرين أكثر مما أمل أبوه وأكثر مما أملت أمه (2).
أما بالنسبة لسكان المدينة من الأنصار، فالإمام الحسين يذكر تجربة أبيه معهم، صحيح أن الأنصار أو بعض الأنصار قد قالوا في سقيفة بني ساعدة: لا نبايع إلا عليا وعلي غائب (3) وصحيح أيضا أن المنذر بن الأرقم قد قال في سقيفة بني ساعدة: " وإن فيهم رجلا لو طلب هذا الأمر لم ينازعه فيه أحد " وهو يعني علي بن أبي طالب " (4)..
وإن نسي الحسين فلن ينسى يوم حمل أبوه علي أمه فاطمة الزهراء على حمار وقاد الحسن والحسين وطاف على بيوت الأنصار بيتا بيتا يسألهم النصرة، فكانوا يقولون: يا بنت رسول الله قد مضت بيعتنا لهذا الرجل، ولو كان ابن عمك سبق إلينا أبا بكر ما عدلنا به، فكان علي يقول لهم: أفكنت أترك رسول الله ميتا في بيته لم أجهزه، وأخرج إلى الناس أنازعهم في سلطانه؟ وكانت البتول الزهراء تقول: " ما صنع أبو الحسن إلا ما كان ينبغي له، ولقد صنعوا ما الله حسيبهم عليه " (5) وقد أشار معاوية إلى هذه الواقعة قائلا: " وأعهدك أمس تحمل قعيدة

(١) راجع الإمامة والسياسة لابن قتيبة ج ١ ص ١٣.
(٢) راجع العقد الفريد لابن عبد ربه ج ٣ ص ٦٤ وأبو الفداء ج ١ ص ١٥٦ وأنساب الأشراف ج ١ ص ٥٨٦ وكنز العمال ج ٣ ص ١٤٠ والرياض النضرة للطبري ج ١ ص ١٦٧ والسقيفة للجوهري برواية ابن أبي الحديد ج ١ ص ١٣٢ و ج ٦ ص ٢ وتاريخ الخميس ج ١ ص ١٧٨ وتاريخ ابن شحنة بهامش الكامل ح ١١ ومروج الذهب ج ٢ ص ١٠٠ وتاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ١٠٥.
(٣) راجع تاريخ الطبري ج ٣ ص ٢٠٨ وتاريخ ابن الأثير ج ٢ ص ١٢٣ الذي قال: إن الأنصار قد قالت ذلك بعد أن بايع عمر لأبي بكر.
(٤) راجع تاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ١٠٣ والموفقيات للزبير بن بكار ص ٥٧٩.
(٥) أبو بكر الجوهري في كتابه السقيفة برواية ابن أبي الحديد في كتابه " شرح نهج البلاغة " ج 6 ص 78، والإمامة والسياسة لابن قتيبة الدينوري ج 1 ص 12.
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327