كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ١٥٠
معاوية صاغرا، فإنكم آل أبي تراب قد ملئتم كلاما، وأشربتم بغض آل بني سفيان، فقال له الحسين: ويلك يا مروان فإنك رجس، وإنا أهل بيت الطهارة الذين أنزل الله على نبيه محمد * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * [الأحزاب / 33] فنكس مروان رأسه لا ينطق بشئ فقال له الحسين: أبشر يا ابن الزرقاء بكل ما تكره من رسول الله، يوم تقدم على ربك فيسألك جدي عن حقي وحق يزيد، فمضى مروان مغضبا حتى دخل على الوليد بن عتبة، فأخبره بما سمعه من الحسين بن علي (1) والتحق الحسين بقبر جده يبكي تماما كما فعل أبوه علي بن أبي طالب عندما هددته زعامة بطون قريش بالقتل إن لم يبايع، فالتحق بقبر النبي يبكي ويتلو الآية الكريمة: * (ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني) * (2) وبكى الإمام الحسين أمام قبر جده بكاء مرا، ونام بعد ذلك، فرأى جده في المنام يضمه إلى صدره ويقبله ويقول له: " يا بني يا حسين كأنك عن قريب أراك مقتولا مذبوحا بأرض كرب وبلاء، من عصابة من أمتي، وأنت في ذلك عطشان لا تسقى، وظمآن لا تروى، وهم في ذلك يرجون شفاعتي يوم القيامة، فما لهم عند الله من خلاق، حبيبي يا حسين إن أباك وأمك وأخاك قد قدموا علي، وهم إليك مشتاقون، وإن لك في الجنة درجات لن تنالها إلا بالشهادة... " (3) وانتبه الإمام الحسين من نومه وودع قبر جده وقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لقد خرجت من جوارك كرها، وفرق بيني وبينك، حيث إني لم أبايع ليزيد بن معاوية شارب الخمور، وراكب الفجور وها أنا خارج من جوارك على الكراهية، فعليك مني السلام " (4).
وقال له عبد الله بن عمر بن الخطاب: " وأنا أشير عليك أن تدخل في صلح ما دخل فيه الناس، واصبر كما صبرت لمعاوية، فلعل الله أن يحكم بينك وبين

(١) راجع كتاب الفتوح لابن أعثم الكوفي ج ٥ ص ١٨، ومقتل الحسين للخوارزمي ج ١ ص ١٨٥.
(٢) راجع الإمامة والسياسة لابن قتيبة ج ١ ص ١٣.
(٣) راجع كتاب الفتوح لابن أعثم الكوفي ج ٥ ص ٢٠، ومقتل الخوارزمي ج ١ ص ١٨٦ وبحار الأنوار ج ٤٤ ص ٣٢٨، والعوالم ج 17 ص 177 والموسوعة ص 287.
(4) راجع المنتخب للطريحي ص 410، وناسخ التواريخ ج 2 ص 14 وينابيع المودة ص 401 والموسوعة ص 289.
(١٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327