إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة نزل إلى المدينة نزل في بني عمرو بن عوف في قباء، ومن هناك كتب إلى على رضي الله عنه، مع أبي واقد الليثي، يأمره بالقدوم إليه، فخرج علي بالفواطم (فاطمة الزهراء وفاطمة بنت أسد أم علي، وفاطمة بنت الزبير بن عبد المطلب) وأم كلثوم، ومعه أيمن ابن أم أيمن مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو واقد الليثي، وسار الركب، وعلى رأسه فتى الاسلام علي بن أبي طالب، حتى إذا ما كانوا على مقربة من (ضحنان) (وهي حرة بمكة على مبعدة 54 كيلا في طريق المدينة تعرف اليوم بحرة المحسنية) ادركهم الطلب، وهم ثمانية فرسان ملثمون، ومعهم مولى لحرب بن أمية يدعى جناح، فقال علي لأيمن وأبي واقد: أنيخا الإبل واعقلاها، وتقدم فأنزل النسوة ودنا القوم فاستقبلهم الامام، فقالوا: ظننت انك يا عذرا ناج بالنسوة، ارجع لا أبا لك، قال علي: فان لم افعل، قالوا لترجعن راغما، أو لترجعن بأكثرك شعرا (اي رأسك) وأهون بك من هالك ودنا الفوارس من المطايا ليثيروها، فحال علي بينهم وبينها، فاهوى له جناح بسيفه، فراغ علي عن ضربته، وضربه ضربة على عاتقه فقده نصفين حتى وصل السيف إلى كتف فرسه، وشد على أصحابه، وهو على قدميه، فتفرقوا، ثم سار ظافرا حتى نزل منزلا بعد ضحنان، فبات فيه يومه وليله، ولحق به نفر من المستضعفين من المؤمنين، فيهم أم أيمن مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ساروا في طريقهم نحو المدينة حتى وصلوها بعد أيام، وفرح رسول الله صلى الله عليه وسلم بوصول أهل بيته، وانزل الزهراء وأم كلثوم معه منزلا كريما على أم أيوب الأنصارية الخزرجية امرأة أبي أيوب الأنصاري (خالد بن زيد النجاري) وهو ممن شهد العقبة وبدرا واحد والخندق وسائر المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان مع الإمام علي، ومن خاصته، وشهد معه الجمل وصفين وكان على مقدمته يوم النهروان.
وبقيت الزهراء مع أبيها النبي صلى الله عليه وسلم في بيت أبي أيوب، حتى إذا ما تزوج الرسول صلى الله عليه وسلم سودة بنت زمعة القرشية بعد خديجة، واتخذ لها دارا بالمدينة، فانتقلوا جميعا إلى تلك الدار، فكانت سودة تتولى الزهراء وتقوم بحاجتها، ثم تزوج نبي الله أم سلمة بنت أمية المخزومية، فانتقلت الزهراء إلى بيت أم سلمة رضي الله