الإمام جعفر الصادق (ع) - عبد الحليم الجندي - الصفحة ١٨٤
ولقد يفد على المجلس الكميت - شاعر أهل البيت - كما كان يدخل على زين العابدين (1) والإمام يعرف انبعاث الشاعر. ويخشى عليه من الخيال الصادق في تصوير ظلم يعانيه أهل البيت. وشعر الكميت من أسير الشعر في الأدب العربي - والبرد تنقل للخليفة الخبء من أي شئ - فيستأذن الكميت الإمام قائلا: جعلت فداك. ألا أنشدك؟ فينبهه.
الإمام قائلا: " إنها أيام عظام. " فيقول الكميت عن القصيدة: إنها فيكم. ويقول الإمام: هات فينشده قصيدته التي مطلعها:
الأهل عم في رأيه متأمل * وهل مدبر تعد الإساءة مقبل إلى أن قال:
كلام النبيين الهداة كلامنا * وأفعال أهل الجاهلية تفعل رضينا بدنيا لا نريد فراقها * على أننا فيها نموت ونقتل ونحن بها مستمسكون كأنها * لنا جنة مما نخاف ونعقل

(1) دخل الكميت على زين العابدين فأنشده قصيدته التي مطلعها من لقلب متيم مستهام * غير ما صبوة ولا أحلام وقال الإمام: ثوابك نعجز عنه لكن الله لا يعجز عن مكافأتك. اللهم اغفر للكميت. ثم قسط على نفسه وعلى أهله أربعمائة ألف درهم. أعطاه القسط الأول. قائلا: خذ يا أبا المستهل.
قال الكميت لو وصلتني بدانق كان شرفا لي ولكن إن أحببت أن تحسن إلى فادفع لي بعض ثيابك، التي تلي جسمك أتبرك بها. فنزع ثيابه ودفعها إليه كلها ثم قال: اللهم إن الكميت جاد في آل رسولك وذرية نبيك بنفسه حين ضن الناس. وأظهر ما كتمه غيره من الحق فأحيه سعيدا. وأمته شهيدا. وأراه الجزاء عاجلا وأجزل له المثوبة آجلا. فإنا قد عجزنا عن مكافأته - قال الكميت فيما بعد: فما زلت أعرف بركات دعائه.
ولئن كان عطاء الشعراء جوائز تشجيع لهم إن تقسيط العطاء آية سخاء في التشجيع، وارتباط طويل بالمودة بين من قرض الشعر وبين من أجازه.
وتعجيل العطاء بالاستدانة درس تعلمه زين العابدين على جده - صلى الله عليه وسلم - كان يمكث شهرا ما يستوقد نارا، إن هو إلا التمر واللبن. ومع ذلك لا يرد أحدا يسأله، بل يعطيه إذا كان عنده وإلا وعده. وذات يوم جاء رجل. فقال: عليه الصلاة والسلام " ما عندي شئ. ابتع على فإذا جاء شئ قضيناه ". قال عمر يا رسول الله ما كلفك الله ما لا تقدر عليه. فكره ما قال عمر.
وقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أنفق ولا تخش من ذي العرش إقلالا. فتبسم صلى الله عليه وسلم. وقال " بهذا أمرت ".
(١٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تقديم 3
2 الباب الأول ظهور الإسلام 11
3 ظهور الإسلام 13
4 الفصل الأول: أخو النبي صلى الله عليه و سلم 15
5 الفصل الثاني: أبو الشهداء 39
6 ريحانة النبي في كربلاء 51
7 الباب الثاني بين السلطان و الامام 65
8 الفصل الأول: بين السلطان و الامام 69
9 أهل البيت 71
10 بين أبناء على و بنى العباس 78
11 الفصل الثاني: الرجلان 95
12 الباب الثالث امام المسلمين 113
13 الفصل الأول: في المدينة المنورة 117
14 أهل المدينة 127
15 زين العابدين 134
16 الباقر 140
17 الفصل الثاني: امام المسلمين 145
18 مجالس العلم 153
19 التلاميذ الأئمة 158
20 كل العلوم 165
21 مع القرآن 172
22 مع أهل الكوفة و أبي حنيفة 178
23 المذهب الجعفري 185
24 الباب الرابع المدرسة الكبرى 193
25 الفصل الأول: المدرسة الكبرى 197
26 المصحف الخاص أو كتاب الأصول 199
27 مصحف فاطمة 200
28 التدوين 200
29 مشيخة العلماء 210
30 التلاميذ من الشيعة 217
31 الفصل الثاني الدرس الكبير 229
32 السنة 238
33 الإمامة 246
34 أمور خلافية في الفقه 259
35 الباب الخامس المنهج العلمي 275
36 الفصل الأول التجربة و الاستخلاص 279
37 الفصل الثاني في السياسة و الاجتماع 309
38 في الدولة و قواعدها 312
39 المجتمع الجعفري 325
40 في المجتمع و دعائمه 331
41 الاخوة 334
42 المرأة 338
43 العلم 339
44 الدعاء 341
45 الفصل الثالث المنهج الاقتصادي 343
46 العمل 347
47 المضطرب بما له و المترفق بيده 349
48 المال 357
49 العبادة و النفاق المال 358
50 كنز المال 364
51 الباب السادس في الرفيق الاعلى 367
52 عدالة السماء 375