تعوض عنها تعويضا، يهوي بصاحبها في مهاوي الهلكة والفضيحة. وكم يعجبني أيضا أن يصور في هذه الحكم معنى النبل في القوة، والسماحة في القدرة.
أو ليس قد جعل الهم والحزن، في الشك والسخط، والحزم، في العمل للمستقبل، ونسيان الماضي وأخطائه؟ وجعل التخريب النفسي الهدام، فيما يورثه الحسد لصاحبه؟ أو ليس قد جعل من التيه، تعويضا عن شعور الإنسان بحقارة نفسه، فهو يحاول بمظاهر تيهه وكبريائه أن يخفي شعوره بالحقارة؟
وقل مثل ذلك حين يحدثنا عن الأمن، والعدل، والخصب ويخوفنا من جور السلطان، وجار السوء، والمرأة البذيئة في عصر كانت مصائر الناس فيه مرتبطة بإرادة حاكم فرد.
وكم هو رقيق ولطيف حين يصر علينا ألا نبالغ في محاسبة الصديق فنخسره، والاغترار بعلمنا فننفضح، والشدة في مداراة الناس فنقع في رذيلة النفاق والممالاة.
وأخيرا يرسل الإمام مقياسه الدقيق لإنسانية الإنسان فيقول ما معناه:
أن إيثار الحق مع ضرره، ومجانبة الباطل مع نفعه، وللعمل في حدود منطقنا وتفكيرنا هو شئ من الإيمان بل هو حقيقة الإيمان.
والخلاصة أن الإمام هنا إنما يضع بين أيدي الأحفاد خلاصة تجاربه، وكتاب حياته، مرسلا عبر الدهور، معلما، وفيصلا بين الحق والباطل.
إنه في هذه الكلمات يبدو صاحب منهج علمي ورائد سلوك أخلاقي، وواضح قاعدة للعقلانية في ثقافة المسلمين، وداعيا إلى الله، بحق الله