لأصحابي: غسلوني، وبدلوا ثيابي واحملوني إلى الروضة المطهرة لعل الموت يحول بيني وبين الوصول إليها. ففعلوا، ولما دخلت الحضرة أغمي على، فتركوني في جانب ومضوا لشأنهم. فلما أفقت حملوني وأتوا بي إلى قرب الشباك، فزرت.
ثم ذهبوا بي إلى الخلف عند بيت الصديقة الطاهرة (عليها السلام)، أحد المواضع التي تزار فيها فجلست وزرت بما بدا لي، ثم طلبت منها الشفاء. وقلت لها: بلغنا من الآثار كثرة محبتك لولدك الحسين (عليه السلام)، واني مجاور قبره الشريف، فبحقه عليك ألا ما شافيتني.
ثم خاطبت الرسول (صلى الله عليه وآله) وذكرت ما كان لي من الحوائج منها الشفاعة لجملة من رفقائي الذين حلوا أطباق الثرى ومزقتهم البلوى، وعددت أسماءهم إلى أن بلغت إلى المولى جعفر المتقدم ذكره. فذكرت الرؤيا، فتغيرت حالي، فألححت في طلب المغفرة له وسؤال الشفاعة منه (صلى الله عليه وآله).
وقلت: اني رأيته قبل ذلك بعشرين سنة في المنام في حال سوء، لا أدري كان صادقا أم كان من الأضغاث؟
وذكرت ما سنح لي من التضرع والدعاء في حقه. ثم رأيت في نفسي خفة، فقمت ورجعت إلى المنزل بنفسي، وذهب ما كان بي من المرض من بركة البتول العذراء (عليها السلام).
ولما أردنا الخروج من البلد أقمنا في (أحد) يوما وكان أول منازلنا. فلما نزلنا فيه، وفرغنا من زيارة الشهداء رقدت فرأيت المولى جعفر المذكور مقبلا علي في زي حسن وعليه ثياب بيض كغرقئ (1) البيض وعلى رأسه عمامة محنكة وبيده عصا، فلما دنا مني سلم وقال: مرحبا بالأخوة والصداقة، هكذا ينبغي أن يفعل الصديق بصديقه، وكنت في تلك المدة في ضيق وشدة وبلاء ومحنة، فما قمت من الحضرة إلا وخلصتني منها، والآن يومان أو ثلاثة أرسلوني إلى الحمام وطهروني من الأقذار والكثافات. وبعث إلي الرسول (صلى الله عليه وآله) بهذه الثياب والصديقة