باركنا فيها وكنا بكل شئ عالمين) * (1).
ومنها قوله تعالى متحدثا عن داود (عليه السلام): * (إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والاشراق * والطير محشورة كل له أواب * وشددنا ملكه وأتيناه الحكمة وفصل الخطاب) * (2).
ومنها قوله تعالى متحدثا عن سليمان (عليه السلام): * (فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب * والشياطين كل بناء وغواص * وآخرين مقرنين في الأصفاد * هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب) * (3).
والانسان مجمع العوالم ومظهر الكمالات وقد صدق من قال:
وتحسب انك جرم صغير وفيك * انطوى العالم الأكبر (4) وقد ساعدت العقيدة الاسلامية الانسان للتعرف على كيفية ترقيه الكمالي ليكون مؤهلا للتصدي إلى موقعه الطبيعي الذي أراده الحق تعالى من خلقه له.
كما أن الرؤية الاسلامية قد وضحت للانسان مفهوم الحياة التي أكسبته القدرة والحيوية والحركة والفعل، لأن الانسان بدون حياة غير قادر على الفعل والاختيار وغير قادر على القيام بالمهمات الكبرى وغيرها. إذ أن الحياة هي الجهاز المحرك للانسان.
ولكن: هل معنى ذلك أن مهمة الانسان ودوره سوف ينتهي بموته؟ وينهدم كل شئ بناه عندما كان يتحرك وعندما كانت حياته معطاءة؟
وهنا توضح الرؤية الاسلامية أن الانسان هو مركز التلقي للإرادة الإلهية إما مباشرة - وهم الأنبياء والرسل والمحدثون - وإما بواسطة، وهم باقي الناس.
وتوضح أيضا أن الانسان هو مركز الحركة الكونية.