الخصائص الفاطمية - الشيخ محمد باقر الكجوري - ج ٢ - الصفحة ٥٣٨
غافلون عن الآخرة لاشتغالهم بزخارف الدنيا وزينة المال وأهواء النفس ولذائذها، مثلهم كمثل الطفل يشتغل باللعب ويغفل عن معرفة الله، وحكمهم حكم الحيوانات السائمة، وبديهي أن الخفة والراحة أفضل من الثقل والتورط; ولنعم ما قال الشيخ سعدي الشيرازي:
توانگرى كشدت سوى كبر و نخوت و ناز * خوش است فقر كه دارد هزار عجز و نياز (1) كل هذه البيانات لتعرف لماذا كانت فاطمة الزهراء - مع ما لها من الشأن - تلبس عباءة مرقوعة، وتتيقن أن فقر تلك المخدرة وأهل البيت نعمة موهوبة أنعم بها الله عليهم تلطفا وتحننا، وهذا بنفسه امتياز اختص الله به ذلك الكوكب الدري من دون نساء العالمين اللواتي لم يجعل الله لهن استحقاق هذه المنة، فلا تجد فيهن واحدة بلغت ما بلغته تلك المخدرة في الصبر، ولا بلغت في الإيمان مبلغها، بل الكل يستطعمون فتات موائدها.
* * * والآن نبدأ بذكر بقية الأربعين حديثا من صحاح العامة، ونشرع في خصيصة أخرى إن شاء الله تعالى.
الحديث السابع عشر: روى أبو بكر الخوارزمي عن بلال بن حمامة، قال:
خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خرج ذات يوم إلى الناس ووجهه كدارة القمر، فسأله عبد الرحمن بن عوف، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «بشارة أتتني من ربي في أخي وابن عمي

(1) يقول: القدرة تجرك للكبر والنخوة والغرور; أما الفقر فما أحسنه لأنه يجعلك تحس بأنواع العجز والفاقة.
(٥٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 533 534 535 536 537 538 539 540 541 542 543 ... » »»
الفهرست