قال لها: فمن أنت حتى أخطبك من أهلك؟
قالت: أنا الدنيا.
فقال (عليه السلام): إرجعي فاطلبي زوجا غيري فلست من شأني، فأقبل على مسحاته وأنشأ:
لقد خاب من غرته دنيا دنية * وما هي إن غرت قرونا بطائل أتتنا على زي العروس بثنية * وزينتها في مثل تلك الشمائل فقلت لها غري سواي فإنني * عزوف عن الدنيا ولست بجاهل وما أنا والدنيا فإن محمدا * رهين بفقر بين تلك الجنادل وهي ها أتتني بالكنوز ودرهما * وأموال قارون ملك القبائل أليس جميعا للفناء مصيرنا * ويطلب من خزانها بالطوائل فغري سواي إنني غير راغب * لما فيك من عز وملك ونائل وقد قنعت نفسي بما قد رزقته * فشأنك يا دنيا وأهل الغوائل فإني أخاف الله يوم لقائه * وأخشى عذابا دائما غير زائل (1) فإذا كان أهل بيت العصمة يتنفرون عن الدنيا ويتحاشونها إلى هذا الحد، فلماذا نتحبب نحن إلى هذا العدو الغدار، ونخالف أحبائنا الحقيقيين، ونفكر بالفقر ونخشى عاره؟!
والفقر بمعناه الظاهري هو فقدان ما يحتاج إليه، وحقيقته هو الاحتياج إلى الحق، فالأنبياء والأولياء أفقر الفقراء إلى الله، فقراء في الدنيا لرحمة الله بهم، وليس فقرهم - والعياذ بالله - من باب عدم اللطف، وأنت ترى أن الأغنياء غالبا طغاة