وكذا أقبلت على ولي الله الأعظم وعرضت نفسها عليه ثلاثا فطلقها ثلاثا.
وفي ذلك نكتتان: أحدهما أنها طلبته وأرادت وصله والاقتراب منه ثلاث مرات، وفي كل مرة كان يطلقها، والأخرى أن طلقها ثلاثا طلاق بائن لا رجعة فيه.
والمراد من طلاقها الإغماض عن لذائذها، كما ورد في تطليق عائشة حين أوصى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى علي (عليه السلام) أن طلق عائشة أو غيرها من أزواجي إن خلعت طاعتك، يعني أخلع عنها شرف أمومة المؤمنين فلا تكون أما لأمتي، والطلاق في هذه الموارد من هذا القبيل، أي إني هجرت الدنيا وألقيت حبلها على غاربها، وتركتها لأهلها الذين لا حظ لهم في الآخرة.
وفي الحديث أن حواء أعطيت لآدم فطلب الشيطان الدنيا فصارت في حبالته; ولذا تجد الناس أكثرهم أبناء الدنيا، والشيطان وأشبه شيء بهذين الأبوين، فيا طالب زخارف الدنيا أنظر إلى عاقبة ما تطلب، وانظر إلى مطلوبك وأبيك وأمك من هما؟! وانظر إلى المعرضين عن الدنيا وزخرفها كيف فازوا بساحة القرب الإلهي الذي لا بديل له.
وأروي لإخواني المؤمنين - لمحض الذكرى - إحدى الدفعات التي عرضت الدنيا نفسها على ولي الله الأعظم، ثم أرجع إلى الموضوع ثانية.
ففي كتاب عوالم العالم: إن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان في بعض حيطان فدك وفي يده مسحاة فهجمت عليه امرأة من أجمل النساء، فقالت: يا بن أبي طالب إن تزوجني أغنك عن هذه المسحاة وأدلك على خزائن الأرض ويكون لك الملك ما بقيت.