وقال تعالى أيضا: ﴿وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا﴾ (1).
وقال حكيم: الصبر صبران: صبر على ما تحب، وصبر على ما تكره، والإنسان الكامل من يجمعهما، وتابع الصبر يتبعه النصر، ولكن تحمل الصبر أمر عسير، بل هو من خاصة الخصيصين، والصبر كأسه مر وعاقبته العسل، والصبر على الحرمان من النعم واللذائذ أهون من الصبر على عذاب الله، وعلى المؤمن الاقتداء بإمامه.
أنظر إلى من خلقت السماء والأرض وما بينهما لأجلهم - يعني الوجود المقدس النبوي والعلوي والفاطمي - كيف صبروا على شدائد الزمان وقضوا حياتهم في الحرمان، حتى تغيرت ألوانهم من شدة الفاقة، ولم يزايلوا الصبر حتى تعجبت منهم ملائكة السماء، وهم يزدادون كل يوم إعراضا عن الدنيا، ويرون الدنيا - باعتبار علائقها - مكروها - وتضادت طباعهم معها، مع أنهم كانوا في عالم البشرية وذلك لاتصالهم بمقام القرب وعلاقتهم بالنشأة الآخرة والنعم الباقية، فغلبت عادتهم الملكوتية الطبيعة البشرية حتى اضمحلت، كما ورد في الحديث «علي ممسوس في ذات الله» (2).
وإعراض أهل البيت (عليهم السلام) عن الدنيا كان ناتجا عن معرفتهم أن الله لم يجعل هذه النعم الفانية لهم لحقارتها; فهي أقل من أن تكون موضع رضاء الرب، فأعرضوا عنها; لذا ورد في الحديث الذي رواه ابن شهرآشوب في المناقب أن «فاطمة الزهراء (عليها السلام) سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خاتما، فقال: ألا أعلمك ما هو خير