رأى عبد المطلب مغموما.. قال: يا أبا الحارث إني لأعرف في أربعة وأربعين صنديدا من صناديد العرب امرأة عاقلة هي أفصح لسانا، وأصبح وجها، وأرفع حسبا ونسبا، وهي حليمة بنت أبي ذؤيب، يتصل نسبها بإبراهيم الخليل، فقال عبد المطلب: لقد نبهتني لأمر عظيم، ثم دعا عبد المطلب بغلام اسمه شمردل وقال له:
قم يا غلام واركب ناقتك واخرج نحو حي بني سعد بن بكر، وادع لي أبا ذؤيب عبد الله بن الحارث العدوي، فذهب الغلام، وكان حي بني سعد من مكة على ثمانية عشر ميلا في طريق جدة.
قال: فذهب الغلام نحو حي بني سعد فلحق بهم، وإذا خيمتهم من مسح وخوص، وكذلك خيم الأعراب والبوادي، فدخل شمردل الحي وسأل عن خيمة عبد الله بن الحارث فدلوه، فذهب شمردل إلى الخيمة، فإذا بخيمة عظيمة، فدخل الغلام فحياه عبد الله وقال له: ما الخبر يا شمردل؟ فقال: إعلم يا سيدي أن مولاي أبا الحارث عبد المطلب قد وجهني نحوك وهو يدعوك. قال عبد الله: السمع والطاعة، وقام عبد الله من ساعته ودعا بمفتاح الخزانة، ففتح باب الخزانة وأخرج منها جوشنة فأفرغها على نفسه، وأخرج بعد ذلك درعا فاضلا فأفرغه على نفسه فوق جوشنه، واستخرج بيضة عادية فقلبها على رأسه، وتقلد بسيفين واعتقل رمحا ودعا بنجيب فركبه، وجاء نحو عبد المطلب، فلما دخل تقدم شمردل وأخبر عبد المطلب، وكان جالسا مع رؤساء مكة، مثل عتبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وعقبة بن أبي معيط، وجماعة من قريش، فشرح له عبد المطلب قصة ابنه، فقال عبد الله: يا أبا الحارث إن لي بنتين فأيتهما تريد؟ قال عبد المطلب: أريد أكملهما عقلا، وأكثرهما لبنا، وأصونهما عرضا. فقال عبد الله: هاتيك حليمة، لم تكن