من نومه، فأمسكت عنه ساعة فخشيت أن تبطئ على بعلها، فمدت يدها إليه لتوقظه ففتح عينيه وجعل يهش لها ويضحك في وجهها، فخرج من فمه نور، فتعجبت حليمة من ذلك ثم ناولته ثديها الأعين فرضع، فناولته الأخرى فلم يرضع، وكان ذلك إلهاما من الله عز وجل ألهمه العدل والإنصاف من صغره، إذ كان لها ابن ترضعه وكان لا يرضع حتى يرضع أخوه ضمرة (أو حمزة أو عبد الله)، فرجعت حليمة برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال لها عبد المطلب: مهلا يا حليمة حتى نزودك.. وأعطاها من المال والزاد والكسوة فوق الطاقة والكفاية، فأخذت عند ذلك آمنة ولدها وقبلته وبكت لفراقه، فربط الله على قلبها، فدفعته إلى حليمة وقالت: يا حليمة احفظي نور عيني وثمرة فؤادي، ثم خرجت حليمة من بيت آمنة وشيعها عبد المطلب.
قالت حليمة: والله ما مررت بحجر ولا مدر إلا ويهنئني بما وصل إلي.
فلما أقبلت على بعلها نظر إلى النور يشرق في غرته فتعجب من ذلك، وألقى الله في قلبه الرحمة له، فقال لها: يا حليمة قد فضلنا الله بهذا المولود على سائر العالم، فلما ارتحلت القافلة ركبت حليمة على أتان وجعلت تقول لزوجها: لقد سعدنا بهذا المولود سعادة الدنيا والآخرة.
وسمعت آمنة هاتفا يقول:
قفي ساعة حتى نشاهد حسنه * قليلا ونمسي في وصال وفي قرب فأين ذهاب الركب عن ساكن الحمى * وأين رواح الصيب عن ساكن الشعب إذا جئت واديه وجئت خيامه * وعاينت بدر الحسن في وجهه قف بي وطف بالمطايا حول حجرة حسنه * وعند طواف العيس يا صاحبي طف بي