كأخواتها بل خلقها الله تعالى أكمل عقلا، وأتم فهما، وأفصح لسانا، وأثج لبنا، وأصدق لهجة، وأرحم قلبا، وأصون عرضا. فقال: خصلتان الحلم والسعد.
فقام من ساعته واستوى على متن جواده وأخذ نحو بني سعد، فلما أن وصل إلى منزله دخل على ابنته حليمة وقال لها: أبشري فقد جاءتك الدنيا بأسرها، فخرجت مع زوجها بكر بن سعد السعدي وذهبوا إلى دار عاتكة بنت عبد المطلب فبشروا عبد المطلب بقدوم حليمة... إلى آخر ما قاله الواقدي (1).
وروى محمد بن جرير الطبري ومحمد بن إسحاق صاحب كتاب السيرة النبوية ما يوافق أخبار الإمامية: «إن حليمة حدثتها أنها خرجت من بلدها مع زوجها وابن لها صغير ترضعه في نسوة من بني سعد بن بكر تلتمس الرضعاء قالت: وذلك في سنة شهباء (2) لم تبق لنا شيئا. قالت: فخرجت على أتان لي قمراء (3) معنا شارف (4) لنا والله ما تبض بقطرة، وما ننام ليلنا أجمع من صبينا الذي معنا من بكائه من الجوع، ما في ثديي ما يغنيه، وما في شارفنا ما يغذيه» (5).
قال أبو الحسن البكري:.. وكانت آمنة يوما نائمة إلى جانب ولدها فهتف بها هاتف: يا آمنة! إن أردت مرضعة لابنك ففي نساء بني سعد امرأة تسمى حليمة بنت أبي ذؤيب، فتطاولت آمنة إلى ذلك، وكان كلما أتتها من النساء تسألهن عن أسمائهن.