الخصيصة السابعة من الخصائص الخمسين في هجرة فاطمة (عليها السلام) من مكة إلى المدينة قلنا: لقد التحقت خديجة بالرفيق الأعلى وفاطمة في الخامسة من عمرها، فكانت فاطمة بنت أسد وبقية أخواتها وجماعة من نساء بني هاشم يتعاهدن فاطمة، ولازمنها ملازمة الظل، وما زال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوصيهن بها ويأمرهن بتسليتها من فراق أمها، إلا أن فاطمة كانت مشغول عنهن; لأنها لا تأنس بأحد سوى أبيها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فكانت تلوذ به وتنتهل من عذب معينه مكارم الأخلاق ومحاسن الصفات النبوية وتتأدب بها، وكانت لها مراقبات ومواظبات خاصة في صيام الأيام وقيام الليالي بما يعجز عنه الغير، فأقبلت على العبادات والطاعات، وأقدمت عليها إقداما أحجم عنه نساء زمانها، مع أنها كانت في تلك السن الصغيرة، فكانت تصبر على المشاق الصعبة وتتحمل ما يخرج عن العادات البشرية ويحير العقول الإنسانية، فوجد فيها النساء خير قدوة بعد أمها خديجة «كالمرآة المجلوة يحاذي بها شطر الحق».
أجل: لقد قضت من قبل آلاف الدهور في كنف الحق مشغولة بالتقديس والتسبيح، وأظهرت العبودية في عالم غيب الغيوب بأطوار عديدة، فلما نزلت إلى عالم الشهود واستقرت في دار الخمود كفلها النبي الخاتم (صلى الله عليه وآله وسلم)، وزاملها الولي