وأول من استحق الثواب والدخول في جوار الله ورضوانه وجنانه. ومن نظر في الآيات النازلة في فضل الهجرة والسابقين والمهاجرين، عرف بالقطع واليقين أنها جميعا تحكي حالاته ومجاهداته (عليه السلام) حيث لا يسبقه سابق ولا يلحقه لاحق.
الحاصل: تبين أن السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) هاجرت إلى المدينة ولما تبلغ حد البلوغ، وكان عمرها يومئذ ثمان سنين، فأراد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يبني لها منزلا وحجرة، فاشترى مربدا كان لصغيرين يتيمين وبنى عليه مسجده، وهو يجاور قبره المنور وضريحه المطهر اليوم، ثم بنى حوله حجرا، وكان كلما تزوج امرأة بنى لها حجرة، وكانت أول من تزوج بها - على رواية الشيعة - سودة بنت زمعة، وذهب بعض أهل السنة والجماعة إلى أنها «عائشة» التي هاجرت بأمر أبيها مع أخيها، فخطبها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في شوال، وكان لها تسع سنين، وكانت حجرة عائشة ملاصقة لحجرة السيدة فاطمة (عليها السلام)، وكان بينهما كوة تسهل عليهما الإتصال والتعاون، ولكن سرعان ماانقلب الأمر حيث بدأت عائشة - تدريجيا - بتسرير كلمات سخيفة وعبارات ركيكة ضعيفة، وصارت تبدي العداوة والبغضاء المكنونة فيها بالفطرة والوراثة، فأخذت تذم خديجة وتعير فاطمة بأمها وتفتخر على خديجة بالجمال والشباب!! فشق ذلك على الصديقة المطهرة وشكت إلى رسول الله، فأمر النبي بسد تلك الكوة. ونعم ما قيل:
أقلب الطرف لا أرى من أحبه * وفي الدار ممن لا أحب كثير ثم اختار رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من بين النساء العاقلات الكاملات المخلصات امرأة - اختلفوا في اسمها - لخدمة فاطمة وملازمتها ليل نهار ورد الوحدة عنها، فقالت: «والله ما رأيت امرأة أأدب منها». إنها على صغر سنها لا تحتاج إلى مربية،