الخصيصة الثانية من الخصائص الخمسة سواء كان نور فاطمة (عليها السلام) مخلوقا بالإنفراد، أو من نور النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ونور أمير المؤمنين (عليه السلام)، أو من نور الرب، فهو على كل حال من نوع واحد ومن مصدر واحد ومن مبدأ ومنشأ واحد، ولكنه كان يختلف في تجلياته حسب الوقت والزمان والحكمة المعلومة واستعداد القبول في تلك المستورة، أم الفضائل، فهي بذاتها وحقيقتها تتجلى في الملكوت الأعلى تجليات خاصة، وتتسمى في كل تجل باسم ولقب خاص، كما ذكرنا ذلك في الكلام عن معنى الزهراء والمنصورة والنورية.
وكان آخر تجليات أم الأنوار وعيبة الأسرار في عالم الشهود، حيث تجلت وهي في الكسوة البشرية الحسية.
ومن المعلوم أن العوالم العلوية أفسح وأوسع من العوالم السفلية، ويختلف الاستعداد والقابلية في كل واحد منهما بالنسبة إلى الآخر حسب العلو والدنو، ولذا تكون الجلوة الوجودية والأنوار الحقة لفاطمة الزهراء هناك أظهر وأجلى.
أما في هذا الفضاء الضيق الدنيوي، فكانت تبدو لسلطان الولاية شمسا مرة وقمرا مرة وكوكبا دريا مرة أخرى، وتتجلى له بأنوار وأطوار أخرى أحيانا، وتتجلى للآخرين حسب قابلياتهم ولياقاتهم، وتتجلى لأهل السماء كلما وقفت في محراب عبادتها بنحو خاص، وتتجلى لقلوب شيعتها الصافية بنور إيمانها إلى يوم