كما قالت سلمى - أكثر نساء العالمين علما وأدبا، ولا حول ولا قوة إلا بالله ﴿وما النصر إلا من عند الله﴾ (1). وكيف لا تكون فاطمة كذلك؟! وأنى لنساء العالمين أن يكن مثلها؟ فالزجاجة لا تكون ياقوتا وجواهر مهما صقلت، والحديد لا يداني الذهب والفضة مهما انجلى، فالجوهر المقدس لمعدن العصمة والحياء غير الجواهر والأعيان الأخرى، وذاتها الطاهرة المطهرة أطهر من أن تنالها شوائب النساء وأقذارها، والله الموفق لكل خير وكمال والإيصال إلى الآمال.
ولنعم ما قيل:
فلم يستتم أمر النبي بمكة * فهاجر منها فاستقام بطيبة لقد مات أبو طالب - كما في المصباح - في السادس والعشرين من شهر رجب (2) وماتت خديجة في شهر شعبان في السنة العاشرة من المبعث، فسمى رسول الله ذلك العام: «عام الحزن» وقال: «ما زالت قريش قاعدة عني حتى مات أبو طالب» (3)، فكانت قريش تواجهه بالمكائد والأذى، وكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يعرض نفسه على قبائل العرب في الموسم، ويذكر اليهود والنصارى بأوصافه المذكورة في التوراة والإنجيل، حتى شاعت دعوته، وكان ستة نفر من أهل المدينة آمنوا وانصرفوا راجعين، فلما قدموا المدينة على قومهم ذكروا لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلم يبق دار من دور الأنصار إلا وفيها ذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى إذا كان العام المقبل أتى الموسم من الأنصار إثنا عشر رجلا، فلقوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فبايعوه، وبعث معهم