نبي يرى ما لا يرى الناس حوله * ويتلو كتاب الله في كل مشهد (١) وكان خروج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) - حسب رواية المصباح - من مكة في أول يوم من ربيع الأول، وذلك يوم الخميس من سنة ثلاث عشرة من المبعث، وقدم المدينة لاثنتي عشر ليلة خلت من شهر ربيع الأول بعد أن بات ثلاث ليال في غار ثور، ودخل المدينة عن طريق ذي الحليفة، فخرج الرجال والنساء والصبيان واليهود من بني قريضة وبني النضير وبنيى القينقاع ورؤساؤهم وعظماؤهم وأعيان القبائل وأشراف العشائر مستبشرين لقدومه الميمون، يتعادون لرؤية النور الباهر على تفصيل سنذكره في محله.
وكان أول بيت نزل فيه في المدينة الطيبة - كما في روضة الكافي - في قبا في بيت كلثوم بن هدم، ثم بيت خيثمة الأوسي، ثم خط لهم مسجد قبا وهو الذي قال فيه تعالى: ﴿لمسجد أسس على التقوى﴾ (2) وصلى فيه ثم انتقل إلى بيت عمرو بن عوف، ثم لم يزل مقيما ينتظر عليا (عليه السلام) فيقولون له: أدخل المدينة، فيقول: لا، إني أنتظر علي بن أبي طالب، وقد أمرته أن يلحقني، ولست مستوطنا منزلا حتى يقدم علي، وما أسرعه إن شاء الله.
ثم إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لما قدم علي (عليه السلام) تحول من قبا إلى بني سالم بن عوف، ثم راح إلى المدينة على ناقته التي كان قدم عليها وعلي معه لا يفارقه يمشي بمشيه، وليس يمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ببطن من بطون الأنصار إلا قاموا إليه يسألونه أن ينزل عليهم، فيقول لهم: خلوا سبيل الناقة فإنها مأمورة، فانطلقت به إلى باب مسجد