كآذان الفيلة، تكاد الورقة تغطي هذه الأمة، وفي رواية: الورقة منها مغطية للأمة كلها. وفي لفظ عند الطبراني: الورقة منها تظل الخلق، على كل ورقة ملك، تغشاها ألوان لا يدري ما هي، فلما غشيها من أمر الله تعالى ما غشيها تغيرت، وفي رواية: تحولت ياقوتا وزبرجدا فما يستطيع أحد أن ينعتها من حسنها، فيها فراش من ذهب، وفي رواية يلوذ بها جراد من ذهب.
فقيل له: هذه السدرة ينتهي إليها كل أحد من أمتك خلا (1) على سبيلك، وإذا في أصلها أربعة أنهار: نهران باطنان ونهران ظاهران، فقال: ما هذه يا جبريل؟ قال: أما الباطنان فنهران في الجنة، وأما الظاهران فالنيل والفرات. وفي رواية: فإذا في أصلها عين تجري يقال لها السلسبيل، ينشق منها نهران: أحدهما الكوثر، يطرد عجاحا مثل السهم، عليه خيام اللؤلؤ والياقوت والزبرجد، وعليه طيور خضر أنعم طير، رأى فيه آنية الذهب والفضة، تجري على رضراض من الياقوت والزمرد، ماؤه أشد بياضا من اللبن، فأخذ من آنية، فاغترف من ذلك الماء، فشرب فإذا هو أحلى من العسل، وأشد ريحا من المسك، فقاله جبريل: هذا هو النهر الذي حباك به ربك، والنهر الاخر نهر الرحمة فاغتسل فيه، فغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
وفي حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: أنه صلى الله عليه وسلم رأى جبريل عند السدرة له ستمائة جناح، جناح منها قد سد الأفق، تتناثر من أجنحته التهاويل: الدر والياقوت مما لا يعلمه إلا الله تعالى. انتهى. ثم أخذ على الكوثر حتى إذا دخل الجنة فإذا فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، فرأى على بابها مكتوبا: الصدقة بعشر أمثالها، والقرض بثمانية عشر. فقال: يا جبريل ما بال القرض أفضل من الصدقة؟ قال: لان السائل يسأل وعنده، والمستقرض لا يسأل إلا من حاجة. فاستقبلته جارية فقال: لمن أنت يا جارية؟ فقالت: لزيد بن حارثة.
ورأى الجنة من درة بيضاء وإذا فيها جنابذ (2) اللؤلؤ. فقال: يا جبريل، إنهم يسألوني عن الجنة. فقال: اخبرهم أنها قيعان ترابها المسك، وسمع في خارجها وجسا (3)، فقال: يا جبريل ما هذا؟ قال: بلال المؤذن. فسار فإذا هو بأنهار من لبن لم يتغير طعمه، وأنهار من خمر لذة للشاربين، وأنهار من عسل مصفى، وإذا رمانها كالدلاء، وفي رواية: وإذا فيها رمان كأنه جلود الإبل المقتبة، وإذا بطيرها كالبخاتي (4). فقال أبو بكر: يا رسول الله إن تلك الطير لناعمة. قال: