رواية العسل بدل الماء فشرب من العسل قليلا، وتناول اللبن فشرب منه حتى روي، فضرب جبريل منكبيه وقال: " أصبت الفطرة " ولو شربت الخمر لغوت أمتك ولم يتبعك منهم إلا القليل، ولو شربت الماء لغرقت أمتك "، وفي رواية قال شيخ " متكئ على منبر له لجبريل:
" أخذ صاحبك الفطرة، وإنا لمهتد ". ثم أتي بالمعراج الذي تعرج عليه أرواح بني آدم، فلم ير الخلق أحسن من المعراج، له مرقاة من فضة ومرقاة من ذهب. وفي رواية لأبي سعيد في شرف المصطفى أنه أتي بالمعراج من جنة الفردوس منضد باللؤلؤ، عن يمينه ملائكة وعن يساره ملائكة، فصعد هو وجبريل حتى انتهيا إلى باب من أبواب السماء الدنيا يقال له باب الحفظة وعليه ملك يقال له إسماعيل، وهو صاحب السماء الدنيا - وفي حديث جعفر بن محمد عند البيهقي: (يسكن الهواء فلم يصعد إلى السماء قط ولم يهبط إلى الأرض قط إلا يوم مات النبي صلى الله عليه وسلم)، انتهى - وبين يديه سبعون ألف ملك مع كل ملك جنده مائة ألف.
فاستفتح جبريل باب السماء: قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال:
محمد، قيل: أو قد أرسل إليه؟ - وفي رواية: بعث إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا به وأهلا، حياه الله من أخ ومن خليفة، فنعم الأخ ونعم الخليفة، ونعم المجئ جاء ففتح لهما. فلما خلصا إلى السماء، فإذا فيها آدم كهيئته يوم خلقه ا لله على صورته، تعرض عليه أرواح ذريته الكفار، فيقول: روح خبيثة ونفس خبيثة، اجعلوها في سجين وعن يمينه أسودة وباب تخرج منه ريح طيبة وعن شماله أسودة وباب تخرج منه ريح خبيثة، فإذا نظر عن يمينه ضحك واستبشر، وإذا نظر عن شماله حزن وبكى.
فسلم عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فرد عليه السلام، ثم قال: مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا جبريل من هذا؟ قال: هذا أبوك آدم، وهذه الأسودة نسم بنيه، فأهل اليمين منهم أهل الجنة، وأهل الشمال منهم أهل النار، فإذا نظر عن يمينه ضحك، وإذا نظر عن شماله بكى، وهذا الباب الذي عن يمينه باب الجنة، إذا نظر من يدخله من ذريته ضحك واستبشر، والباب الذي عن شماله باب جهنم، إذا نظر من يدخله من ذريته بكى وحزن.
ثم مضى صلى الله عليه وسلم هنيهة، فإذا هو بأخونة عليها لحم مشرح ليس يقربه أحد، وإذا بأخونة عليها لحم قد أروح وأنتن، عنده ناس يأكلون منه. فقال: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: هؤلاء من أمتك يتركون الحلال ويأتون الحرام. وفي لفظ: وإذا هو بأقوام على مائدة عليها لحم مشوي كأحسن ما روي من اللحم، وإذا حوله جيف، فجعلوا يقبلون على الجيف يأكلون منها ويدعون اللحم. فقال، من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الزناة يحلون ما حرم الله عليهم ويتركون ما أحل الله لهم.