المهابة مشفقات، سبحان العلي الاعلى، سبحانه وتعالى. فلما خلصا فإذا النبي صلى الله عليه وسلم بإبراهيم رجل أشمط، جالس عند باب الجنة، على كرسي مسندا ظهره إلى البيت المعمور، ومعه نفر من قومه، فسلم عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فرد عليه السلام، فقال: مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح وقال: مر أمتك فليكثروا من غراس الجنة فإن تربتها طيبة وأرضها واسعة. فقال له: وما غراس الجنة؟ قال: (لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم). وفي رواية: (أقرئ على أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء وأن غراسها؟ سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر). وهو أشبه ولده به، وعنده قوم جلوس بيض الوجوه أمثال القراطيس، وقوم في ألوانهم شئ، فقام هؤلاء الذين في ألوانهم شئ، فدخلوا نهرا، فاغتسلوا فيه فخرجوا وقد خلصت ألوانهم وصارت مثل ألوان أصحابهم. فجاءوا فجلسوا إلى أصحابهم فقال: يا جبريل من هؤلاء البيض الوجوه ومن هؤلاء الذين في ألوانهم شئ وما هذه الأنهار التي دخلوها؟
فقال: أما هؤلاء البيض الوجوه فقوم لم يلبسوا إيمانهم بظلم، وأما هؤلاء الذين في ألوانهم شئ فقوم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا فتابوا فتاب الله عليهم، وأما هذه الأنهار فأولها رحمة الله والثاني نعمة الله والثالث (وسقاهم ربهم شرابا وطهورا) [الانسان: 21] وقيل له: هذا مكانك ومكان أمتك، وإذا هو بأمته شطرين: شطر عليهم ثياب كأنها القراطيس، وشطر عليه ثياب رمد (1)، فدخل البيت المعمور، ودخل معه الآخرون الذين عليهم الثياب البيض وحجب الآخرون الذين عليهم الثياب الرمد وهم على خير، فصلى ومن معه من المؤمنين في البيت المعمور، وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه إلى يوم القيامة، آخر ما عليهم، ثم خرج ومن معه.
وفي حديث عند الطبراني بسند صحيح: (مررت ليلة أسري بي على الملا الاعلى فإذا جبريل كالحلس (2) البالي من خشية الله، وفي رواية عند البزار (كأنه حلس لاطئ). انتهى، ثم أتي بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من عسل، فشرب اللبن، فقال جبريل: اختارت (3) أمتك الفطرة، وفي رواية هذه الفطرة التي أنت عليها وأمتك. ثم رفع إلى سدرة المنتهى، وإليها ينتهي ما يعرض من الأرض فيقبض منها، وإليها ينتهي ما يهبط من فوق فيقبض منها. وإذا هي شجرة يخرج من أصلها أنهار من ماء غير آسن، وأنهار من خمر لذة للشاربين، وأنهار من عسل مصفى، يسير الراكب في ظلها سبعين عاما لا يقطعها. وإذا نبقها مثل قلال هجر، وإذا ورقها