على الذين هدى الله) منهم (وما كان الله ليضيع إيمانكم) أي صلاتكم إلى بيت المقدس بل يثيبكم عليها لأن سبب نزولها السؤال عمن مات قبل التحويل (إن الله بالناس) المؤمنين (لرؤوف رحيم) (البقرة 143) في عدم إضاعة أعمالهم، والرأفة شدة الرحمة وقدم الأبلغ للفاصلة.
(قد) للتحقيق (نرى تقلب وجهك في السماء) أي تصرف وجهك في جهة السماء تطلعا إلى الوحي، وتشوقا للأمر باستقبال الكعبة وكان يود ذلك لأنها قبلة إبراهيم ولأنه أدعى إلى الإسلام العرب (فلنولينك) نحولنك (قبلة ترضاها) تحبها (فول وجهك شطر المسجد الحرام) استقبل في الصلاة ناحية المسجد الحرام أي الكعبة (وحيث ما كنتم) خطابا للأمة (فولوا وجوهكم) في الصلاة (شطره) (وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه (أي التولي إلى الكعبة (الحق) الثابت (من ربهم) لما في كتبهم من نعت النبي صلى الله عليه وسلم من أنه يتحول إليها (وما الله بغافل عما يعملون) (البقرة 144) " قرئت " بالتاء أي أيها المؤمنون من امتثال أمره، وبالياء أي اليهود من إنكار القبلة.
(ولئن) لام قسم (أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية " على صدقك في أمر القبلة (ما تبعوا) أي لم يتبعوا (قبلتك) عنادا (وما أنت بتابع قبلتهم) قطع لطمعه في إسلامهم وطمعهم في عوده إليها (وما بعضهم بتابع قبلة بعض) أي اليهود قبلة النصارى وبالعكس (ولئن اتبعت أهواءهم) التي يدعونك إليها (من بعد ما جاءك من العلم) الوحي (انك إذا لمن الظالمين) (البقرة 145) أي إن اتبعتهم فرضا.
تنبيهات الأول: تصوير ما ذكر من تحويل الرجال مكان النساء وتحويل النساء مكان الرجال أن الإمام يتحول من مكانه في مقدم المسجد إلى مؤخره، لأن من استقبل الكعبة بالمدينة فقد استدبر بيت المقدس، وهو لو دار كما هو مكانه لم يكن خلفه مكان يسع الصفوف، فلما تحول الإمام تحولت الرجال حتى صاروا خلفه، وتحولت النساء حتى صرن خلف الرجال، وهذا يستدعي عملا كثيرا في الصلاة. ويحتمل أن ذلك وقع قبل تحريم العمل الكثير، كما كان قبل تحريم الكلام، ويحتمل أن يكون اغتفر العمل المذكور لأجل المصلحة المذكورة أو لم يتوال الخطأ عند التحويل بل وقعت متفرقة.
الثاني: اختلف في تاريخ تحويل القبلة، فقال البراء بن عازب كما عند البخاري: كان على رأس ستة عشر أو سبعة عشر شهرا. وقال ابن عباس كما عند ابن إسحاق، وأبي داود في ناسخه سبعة عشر شهرا. وكذا قال عمرو بن عوف كما عند البزار والطبراني. وقال ابن عباس