وليس باللازم أن تكون المؤاخاة وقعت وقعة واحدة حتى يرد هذا التعقيب. وبما أجاب به الحافظ يجاب به عن مؤاخاة أبي ذر والمنذر بن عمرو، وعن مؤاخاة حذيفة وعمار، وعن مؤاخاة جعفر ومعاذ بن جبل، ويقال بأن معاذ أرصد لمؤاخاة جعفر حتى يقدم.
الرابع: نقل محمد بن عمر، عن الزهري أنه أنكر كل مؤاخاة وقعت بعد بدر، ويقول:
قطعت بدر المواريث، قال الحافظ رحمه الله تعالى: وهذا لا يدفع المؤاخاة من أصلها، وإنما يدفع المؤاخاة المخصوصة التي كانت عقدت بينهم ليتوارثوا بها.
الخامس: أنكر الحافظ أبو العباس بن تيمية المؤاخاة بين المهاجرين وخصوصا مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه. قال: لأن المؤاخاة شرعت لإرفاق بعضهم بعضا ولتتألف قلوب بعضهم على بعض، فلا معنى لمؤاخاته لأحد ولا لمؤاخاة مهاجري لمهاجري.
قال الحافظ: " وهذا رد للنص بالقياس وإغفال عن حكمة المؤاخاة لأن بعض المهاجرين كان أقوى من بعض المال والعشيرة والقوة، فواخى بين الأعلى والأدنى ليرتفق الأدنى بالأعلى ويستعين الأعلى بالأدنى، وبهذا تظهر حكمة مؤاخاة صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه، لأنه هو الذي كان يقوم بعلي من عهد الصبا قبل البعثة واستمر، وكذلك مؤاخاة حمزة بن عبد المطلب وزيد بن حارثة لأن زيدا مولاهم، فقد ثبتت إخوتهما وهما من المهاجرين، وفي الصحيح في عمرة القضاء أن زيدا قال: " إن ابنة حمزة ابنة أخي ". وأخرج الحاكم وابن عبد البر بسند حسن عن أبي الشعثاء (1) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين الزبير بن العوام وعبد الله بن مسعود، وهما من المهاجرين، وأخرجه الضياء المقدسي في المختارة، وابن تميمية يصرح بأن أحاديث المختارة أصح وأقوى من أحاديث المستدرك، قلت: يأتي الكلام مبسوطا على أخوة النبي صلى الله عليه وسلم في ترجمة علي رضي الله عنه عند ذكر تراجم العشرة إن شاء الله تعالى.
السادس: روى الإمام أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي وابن حبان عن شعبة بن التوأم - بفتح الفوقية والهمزة - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا حلف في الإسلام " (2)، زاد شعبة بن التوأم: " ولكن تمسكوا بحلف الجاهلية ". انتهى. " وأيما - وفي لفظ: كل - حلف كان في