القول على الثاني ويؤيده في حمله على ظاهره إمامة جبريل، ففي بعض طرقه أن ذلك كان عند البيت. وروى ابن جرير وغيره بسند جيد قوي عن ابن عباس قال: " لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وأمره الله تعالى أن يستقبل بيت المقدس " إلى آخره، وظاهره أن استقبال بيت المقدس إنما وقع بعد الهجرة إلى المدينة، لكن روى الإمام أحمد من وجه آخر عن ابن عباس قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وهو بمكة نحو بيت المقدس والكعبة بين يديه " (1). ورواه ابن سعد أيضا وسنده جيد قوي والجمع بينهما ممكن بأن يكون أمرا لما هاجر أن يستمر على الصلاة إلى بيت المقدس.
وقوله في حديث ابن عباس الأول: " أمره الله " يرد قول من قال: " إنه صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس باجتهاد "، كما رواه ابن جرير عن عبد الرحمان بن زيد بن أسلم وهو ضعيف.
وعن أبي العالية أنه صلى إلى بيت المقدس يتألف بذلك أهل الكتاب، وهذا لا ينبغي إلا بتوقيف.
السادس: الذين ماتوا قبل فرض الصلاة وقبل تحويل القبلة من المسلمين عشر أنفس:
بمكة من قريش 1 عبد الله بن شهاب 2 والمطلب بن أزهر، الزهريان، 3 والسكران بن عمرو العامري. وبأرض الحبشة منهم: 4 حطاب بن الحارث الجمحي - حطاب بالحاء المهملة - 5 وعمرو بن أمية الأسدي، 6 وعبد الله بن الحارث السهمي. 7 - وعروة بن عبد العزى، 8 وعدي بن نضلة - بالنون والضاد المعجمة - العدويان - ومن الأنصار بالمدينة: 9 البراء بن معرور - بمهملات، 10 وأسعد بن زرارة. فهؤلاء العشرة متفق عليهم، ومات في المدة أيضا إياس بن معاد الأشهلي لكنه مختلف في إسلامه.
السابع: وقع في رواية زهير بن معاوية في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه في صحيح البخاري وغيره: أنه مات على القبلة - أي قبلة بيت المقدس من قبل أن تحول (قبل البيت) - رجال قتلوا (فلم ندر ما نقول فيهم). قال الحافظ: " ذكر القتل لم أره إلا في رواية الزهري وباقي الروايات إنما فيها ذكر الموت فقط، ولم أجد في شئ من الأخبار أن أحدا من المسلمين قتل قبل تحويل القبلة، لكن لا يلزم من عدم الذكر عدم الوقوع، فإن كانت هذه اللفظة محفوظة فتحمل على أن بعض المسلمين ممن لم يشتهر قتل في تلك المدة في غير الجهاد ولم يضبط لقلة الاعتناء بالتاريخ إذ ذاك ". قال: " ثم وجدت في التاريخ ذكر رجل