من المتهمين، ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم سمعه ليلة الإسراء لأمر به بعد الهجرة ". ولابن شاهين من طريق زياد المذكور، قال: لابن الحنفية: كنا نتحدث أن الأذان كان رؤيا، فقال: هذا والله الباطل، لكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما عرج به بعث إليه ملك علمه الأذان ". قال (الحافظ ابن حجر): " هذا باطل ويمكن على تقدير صحته أن يحمل على تعدد الإسراء، فيكون ذلك وقع بالمدينة، وأما قول القرطبي لا يلزم من كونه سمعه ليلة الإسراء أن يكون مشروعا في حقه، ففيه نظر لقوله في أوله: " لما أراد الله أن يعلم رسوله الأذان "، وكذا قول المحب الطبري، يحمل الأذان ليلة الإسراء على المعنى اللغوي وهو الإعلام، (وهذا) فيه نظر أيضا لتصريحه بكيفية المشروعة فيه ".
ولابن شاهين من طريق زياد أيضا عن الباقر عن أبيه عن أبي رافع عن علي رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -: " يا علي إن الله علمني الصلاة والأذان، أتاني جبريل بالبراق "، وزياد (راويه) كذاب. ولأبي الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: " نزل الأذان على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع فرض الصلاة "، وفي سنده عبد العزيز بن مروان (1)، وهو تالف. قال الحافظ: " والحق أنه لا يصح شئ من هذه الأحاديث، وقد جزم ابن المنذر " أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي بغير أذان، منذ فرضت الصلاة بمكة إلى أن هاجر إلى المدينة وإلى أن وقع التشاور في ذلك على ما جاء في حديث عبد الله بن عمر ثم في حديث عبد الله بن زيد " - انتهى كلام ابن المنذر. وقد حاول السهيلي الجمع بينهما فتكلف وتعسف والأخذ بما صح أولى، فقال بانيا على صحته الحكم في مجئ الأذان على لسان الصحابي في المنام فقصه فوافق ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - سمعه فقال: " إنها لرؤيا حق "، وعلم حينئذ أن مراد الله بما أريه في السماء أن يكون سنة في الأرض، وقوى ذلك عنده موافقته رؤيا عمر للأنصاري لأن السكينة تنطق على لسان عمر ".. انتهى.
ويؤخذ منه عدم الاكتفاء برؤيا عبد الله بن زيد حتى أضيف إليه عمر للتقوية التي ذكرها. ولكن قد يقال: فلم اقتصر على عمر؟ فيمكن أن يجاب ليصير في معنى الشهادة. وقد جاء في رواية ضعيفة سبقت ما ظاهره أن بلالا أيضا رأى، لكنها مؤولة، فإن لفظها " سبقك بها عمر "، يحمل المراد بالسبق على مباشرة التأذين برؤيا عبد الله بن زيد.
السابع: قال السهيلي: " اقتضت الحكمة الإلهية أن يكون الأذان على لسان غير النبي