السائب بن يزيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم الفئ الذي أفاء الله تعالى بحنين من غنائم هوازن، فأحسن، فذكر الحديث وفيه: ثم قال: (يا معشر الأنصار ألم يمن الله عليكم بالايمان وخصكم بالكرامة وسماكم بأحسن الأسماء: أنصار الله وأنصار رسوله؟ ولولا الهجرة لكنت أمرأ أنصاريا ولو سلك الناس واديا وسلكتم واديا لسلكت واديكم، أو لا ترضون أن يذهب الناس بالشاء والنعم وتذهبون برسول الله صلى الله عليه وسلم)؟ قالوا: قد رضينا. قال: (أجيبوني فيما قلت).
قالت الأنصار: يا رسول الله وجدتنا في ظلمة فأخرجنا الله بك، ووجدتنا على شفا حفرة من النار فأيدنا الله بك، ووجدتنا ضلالا فهدانا الله بك، فرضينا بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد نبيا فاصنع يا رسول الله ما شئت فأوسع الحل. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لو أجبتموني بغير هذا القول لقلت صدقتم، لو قلتم: ألم تأتنا طريدا فآويناك، ومكذبا فصدقناك، ومخذولا فنصرناك، قبلنا مارد الناس عليك؟ لو قلتم هذا لصدقتم). فقالت الأنصار: (بل الله ذو الفضل علينا وعلى غيرنا). ثم بكوا فكثر بكاؤهم وبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم. رواه الطبراني في الكبير (1).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه ملحفة متعطفا بما على منكبيه وعليه عصابة دسماء حتى جلس على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (أما بعد أيها الناس فإن الناس يكثرون وتقل الأنصار حتى يكونوا كالملح في الطعام. فمن ولي منك أمرا يضر فيه أحدا أو ينفعه فليقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم). رواه البخاري (2).
وعن أنس رضي الله عنه يرفعه: (الأنصار كرشي وعيبتي والناس سيكثرون ويقلون فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم)، رواه البخاري (3).
وعن أنس أيضا، قال: مر أبو بكر والعباس رضي الله عنهما بمجلس من مجالس الأنصار وهم يبكون فقال: ما يبكيكم؟ قالوا، ذكرنا مجلس النبي صلى الله عليه وسلم منا، فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك. قال: فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وقد عصب على رأسه حاشية برد، قال فصعد المنبر ولم يصعده بعد ذلك اليوم، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (أوصيكم بالأنصار فإنهم كرشي وعيبتي وقد قضوا الذي عليهم وبقي الذي لهم فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم (4))، رواه الشيخان والنسائي والترمذي.
وعن أسيد بن حضير يرفعه: (الأنصار كرشي وعيبتي وإن الناس يكثرون وهم يقلون،