وفي بعض الآثار أنه ليس بذكر ولا أنثى، فاقتضى ذلك أن يكون مفردا بالخلق بهذه الصفة من غير توليد، وقد قال تعالى: (ومن كل شئ خلقنا زوجين) (الذاريات: 49) ونقل الشيخ سعد الدين أن الملائكة الكرام لا ذكور ولا إناث إلى آخر ما ذكره. وفي أثر آخر أن جبريل خاطبه خطاب المؤنث.
واختلف في الحكمة في استصعاب البراق، فقال ابن بطال: إنما استصعب عليه لبعده بركوب الأنبياء قبله، ويؤيده ما في المبتدأ لابن إسحاق رواية وثيمة بن موسى في ذكر الإسراء، فاستصعب البراق وكانت الأنبياء تركبها قبلي " وكانت بعيدة العهد بركوبهم فلم تكن ركبت في الفترة.
وقال ابن دحية وابن المنبر: " إنما استصعب تيها وزهوا بركوب النبي صلى الله عليه وسلم، وأراد جبريل: بقوله: أبمحمد تستصعب؟ استنطاقه بلسان الحال إذ أنه لم يقصد الصعوبة، وإنما تاه بركوب النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال: فارفض عرقا، فكأنه أجاب بلسان الحال، فبرئ من الاستصعاب، وعرق من خجل العتاب، وذلك قريب من رجفة الجبل به حتى قال: أثبت فإنما عليك نبي وصديق وشهيد، فإنها هزة طرب لا هزة غضب، كما سيأتي الكلام على ذلك مبسوطا في المعجزات. قال الشيخ قاسم بن قطلوبغا الحنفي رحمه الله تعالى: ولا يبعد أن يقال إنما كان استصعابه فرقا من هيبة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
التنبيه الثامن: قال الحافظ: من الأخبار الواهية أن البراق لما عاتبة جبريل عليه السلام اعتذر إليه البراق بأنه مس الصفراء اليوم، وأن الصفراء صنم من ذهب عند الكعبة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم مر به فقال: " نبأ لمن يعبدك من دون الله " (1)، وأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى زيد بن حارثة أن يمسه بعد ذلك، وكسره يوم الفتح، وقال في الزهر: هذا لا ينبغي أن يذكر ولا يغزى لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الإمام أحمد - روى عنه ابنه عبد الله أنه قال: " هو موضوع " وأنكره جدا.
التنبيه التاسع: قال الحافظ: من الأخبار الواهية ما ذكره الماوردي والثعلبي والقرطبي في التذكرة من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: الموت والحياة جسمان، فالموت ليس يجد في شئ إلا مات، والحياة فرس بلقاء أنثى وهي التي كان جبريل والأنبياء يركبونها لا تمر بشئ ولا يجد ريحها شئ إلا حيي.
التنبيه العاشر: اختلف في ركوب جبريل على البراق مع النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى القول به هل ركب أمام النبي صلى الله عليه وسلم أم خلفه؟ فعند الإمام أحمد عن حذيفة رضي الله عنه أن