أهل العلم في أن هذه الأسماء إضافتها مقلوبة وكذلك الإضافة في كلام العجم يقولون في " غلام زيد ". زيد غلام فعلى هذا يكون " إيل " عبارة عن العبد ويكون أول الاسم عبارة عن اسم من أسماء الله تعالى.
قلت: روى ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما، وابن المنذر عن عكرمة، وأبو الشيخ عن علي بن الحسين قالوا: اسم جبريل عبد الله وميكائيل عبيد الله، وكل شئ راجع إلى " إيل " فهو معبد لله عز وجل، زاد علي بن الحسين وإسرافيل عبد الرحمن، زاد عكرمة:
" والإبل: الله.
قال الماوردي: " ولا يعلم لابن عباس مخالف في ذلك "، وقال السهيلي: " إنه قول الأكثر ". وقال الشيخ شهاب الدين الحلبي رحمه الله تعالى في شرح الشاطبية: " اختلف الناس في هذا الاسم هل هو مشتق أم لا؟ والذي عليه الجمهور أنه لا اشتاق " أذا الأسماء الأعجمية لا اشتاق لها. وقال آخرون: بل هو مشتق من جبروت الله تعالى.
وكذلك اختلفوا فيه هل هو اسم بسيط لا تركيب فيه أو هو مركب؟ فإن جبر " معناه " عبد "، " وإيل " هو اسم الباري تعالى وقد قيل ذلك في إسرافيل، ثم اختلفوا في تركيبه، هل هو مركب تركيب إضافة أو تركيب مزج؟ فذهب بعضهم إلى الأول، ورد بأنه كان ينبغي أن يعرب إعراب المتضايفين، فيجري الأول منهما مجرى الإعراب، ويجرى الثاني وينون، إذ لا مانع له من الصرف، كما انصرف " إل " في قول من جعله اسما لله تعالى من قوله عز وجل: (لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة) (التوبة: 10) وهذا كما تقول: جاءني عبد الله، ورأيت عبد الله ومررت بعبد الله. وذهب آخرون كأبي العباس المهدوي إلى أنه مركب تركيب مزج كبعلبك وحضرموت، وهذا قريب إلا أن بعضهم رد عليه بأنه كان ينبغي أن يبنى الأول على الفتح ليس إلا، وأنت كما رأيتهم يكسرون الراء في بعض اللغات. ورد عليه بعضهم أيضا بأنه لو كان مركبا تركيب مزج لجاز أن يعرب إعراب المتضايفين أو يبنى على الفتح كأحد عشر، فإنه مركب تركيب مزج يجوز فيه هذه الأوجه، فكونه لم يسمع فيه البناء ولا جريانه جريان المتضايفين دليل على عدم تركيبه تركيب مزج. وهذا الرد مردود لأنه جاء على أحد الجائرين، واتفق أنه لم يستعمل إلا كذلك، انتهى.
قال السهيلي: " واتفق في اسم جبريل عليه السلام أنه موافق من جهة العربية لمعناه وإن كان أعجميا، فإن الجبر هو إصلاح ما وهى، وجبريل موكل بالوحي، وفي الوحي إصلاح ما فسد وجبر ما وهى من الدين، ولم يكن هذا الاسم معروفا بمكة ولا بأرض العرب، فلما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم خديجة به انطلقت تسأل من عنده علم الكتاب كعداس ونسطور الراهب وورقة.