وفي حديث ابن عباس عند الإمام أحمد بسند صحيح: أن القواعد التي رفعها إبراهيم كانت قواعد البيت قبل ذلك.
وفي لفظ آخر: أن القواعد كانت في الأرض السابعة. رواه ابن أبي حاتم. انتهى.
قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني، حتى إذا ارتفع البناء، جاء بهذا الحجر، أي المقام، فوضعه له فقام عليه إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، وهو يبني وإسماعيل يناوله الحجارة وهما يقولان: (ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم).
وفي حديث: أبي جهم: وحلقت السكينة كأنها سحابة على موضع البيت فقالت: ابن علي. فلذلك لا يطوف بالبيت أحد أبدا كافر ولا جبار إلا رأيت عليه السكينة.
فبنى إبراهيم البيت فجعل طوله في السماء تسعة أذرع وعرضه ثلاثين ذراعا وطوله في الأرض اثنين وعشرين ذراعا، وأدخل الحجر وهو سبعة أذرع في البيت، وكان قبل ذلك زربا لغنم إسماعيل، وإنما بناه بحجارة بعضها على بعض ولم يجعل له سقفا، وجعل له بابين وحفر له بئرا بابه خزانة للبيت يلقى فيها ما يهدى للبيت، وجعل الركن علما للناس.
فذهب إسماعيل إلى الوادي يطلب حجرا، ونزل جبريل عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام بالحجر الأسود، وكان قد رفع إلى السماء حين غرقت الأرض لما رفع البيت، فنزل به جبريل فوضعه إبراهيم موضع الركن، وجاء إسماعيل بحجر من الوادي فوجد إبراهيم قد وضع الركن، فقال: من أين هذا الحجر؟ من جاءك به؟ قال إبراهيم: من لم يكلني إليك ولا إلى حجرك.
ولما فرغ إبراهيم من بناء البيت وأدخل الحجر في البيت جعل المقام لاصقا بالبيت عن يمين الداخل.
وروى البيهقي عن وهب بن منبه - رحمه الله تعالى - قال: لما أغرق الله الأرض رفع البيت فوضع تحت العرش، ومكثت الأرض خرابا ألفي سنة، فلم تزل على ذلك حتى كان إبراهيم صلى الله عليه وسلم فأمره الله سبحانه وتعالى أن يبني بيته، فجاءت السكينة كأنها سحابة فيها رأس يتكلم، ولها وجه كوجه الإنسان، فقالت: يا إبراهيم، خذ قدر ظلي فابن عليه ولا تزد شيئا ولا تنقص. فأخذ إبراهيم قدر ظلها ثم بنى هو وإسماعيل البيت، ولم يجعل له سقفا، وكان الناس يلقون فيه الحلي والمتاع، حتى إذا كان أن يمتلئ اتعد له خمسة نفر ليسرقوا ما فيه، فقام كل واحد على زاوية واقتحم الخامس فسقط على رأسه فهلك، وبعث الله سبحانه - عند ذلك حية