إسماعيل عند الماء فقالوا: تأذنين لنا أن ننزل عندك؟ قالت: نعم، ولكن لا حق لكم في الماء.
قالوا: نعم.
قال ابن عباس: - رضي الله تعالى عنهما - قال: النبي صلى الله عليه وسلم: فألفى ذلك أم إسماعيل وهي تحب الأنس، فنزلوا فأرسلوا إلى أهلهم فنزلوا معهم، حتى إذا كان بها أهل أبيات منهم وشب الغلام ونشأ بين ولدانهم، وتعلم العربية منهم وألفهم وأعجبهم حين شب، فلما أدرك زوجوه امرأة منهم، وماتت أم إسماعيل.
فجاء إبراهيم بعد ما تزوج إسماعيل يطالع تركته فلم يجد إسماعيل، فسأل زوجته عنه، فقالت: خرج يبتغي لنا. وفي لفظ: وكان عيش إسماعيل الصيد، يخرج يتصيد، فسألها عن عيشهم، فقالت: بشر نحن في ضيق وشده. وشكت إليه. قال: إذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام وقولي له: يغير عتبة بابه. فلما جاء إسماعيل كأنه آنس بشئ فقال: هال جاءكم أحد؟
قالت: نعم جاءنا شيخ كذا وكذا، كالمستخفة بشأنه، فسألنا عنك فأجبرته وسألني كيف عيشنا فأخبرته أنا في جهد وشدة فقال لها: هل أوصاك بشئ؟ قالت نعم، أمرني أن أقرأ عليك السلام ويقول لك: غير عتبة بابك. قال: ذاك أبي وأمرني أن أفارقك فالحقي بأهلك. فطلقها وتزوج منهم امرأة أخرى.
فلبث عنهم إبراهيم ما شاء الله تعالى، ثم أتاهم بعد ذلك، فلم يجده، فسأل امرأته عنه، فقالت: خرج يبتغي لنا. قال: كيف أنتم؟ وسألها عن عيشهم وهيئتهم فقالت: نحن بخير وسعة، وأثنت على الله تعالى. قال: ما طعامكم؟ قالت: اللحم واللبن: قال: فما شرابكم؟
قالت: الماء. اللهم بارك لهم في اللحم واللبن والماء. وفي لفظ: في طعامهم وشرابهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ولم يكن لهم يومئذ حب، ولو حب لدعا لهم فيه ". قال: فهما لا يخلو عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه.
وفي حديث أبي جهم: فجاء إبراهيم زائرا لإسماعيل فجاء إلى بيته فقال: السلام عليكم يا أهل البيت ورحمة الله. فقامت إليه المرأة فردت عليه ورحبت به، فقال: كيف عيشكم؟ فقالت: خير عيش بحمد الله عز وجل، نحن في لبن كثير، ولحم كثير، وماؤنا طيب.
قال: هل من حب؟ قالت: يكون إن شاء الله تعالى، ونحن في نعم. قال: بارك الله لكم. قالت:
فأنزل رحمك الله فأطعم واشرب. قال: لا أستطيع النزول. قالت فإني أراك شعثا أفلا أغسل رأسك وأدهنه؟ قال: بلى إن شئت. فجاءت بالمقام وهو يومئذ حجر رطب أبيض مثل المهاة ملقى في بيت إسماعيل، فوضع عليه قدمه اليمنى وقدم إليها شق رأسه وهو على دابته، فغسلت شق رأسه الأيمن، فلما فرغ حولت له المقام حتى وضع قدمه اليسرى عليه وقدم إليها