أن ينقضوها فتحاماها الناس أن ينزل بأول الناس يصعد فيها أمر من السماء، حتى صعد رجل فألقى منه حجارة، فلما لم يره الناس أصابه شئ تابعوه، فنقضوه حتى بلغوا به الأرض فجعل ابن الزبير أعمدة فستر عليها الستور حتى ارتفع بناؤه.
قال السهيلي، رحمه الله تعالى: وطاف الناس بتلك الأستار فلم تخل من طائف حتى لقد ذكر أن يوم قتل ابن الزبير اشتدت الحرب واشتغل الناس فلم ير طائف يطوف بالكعبة إلا جمل يطوف بها. انتهى.
وقال ابن الزبير: إني سمعت عائشة تقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لولا أن الناس حديث عهدهم بكفر وليس عندي من النفقة ما أنفق على بنيانه لكنت أدخلت فيه من الحجر خمسة أذرع، وجعلت له بابا يدخل الناس منه وبابا يخرج الناس منه " قال: فأنا اليوم أجد ما أنفق، ولست أخاف الناس. قال: فزاد فيه خمسة أذرع حتى أبدى أساسا نظر الناس إليه فبنى عليه البنيان.
وكان طول الكعبة ثمانية عشر ذراعا، فلما زاد فيه استقصره فزاد في طوله عشرة أذرع، وجعل له بابين: أحدهما يدخل منه، والآخر يخرج منه.
فلما قتل ابن الزبير كتب الحجاج (1) إلى عبد الملك (2) يخبره بذلك ويخبره أن ابن الزبير وضع البناء على أس قد نظر إليه العدول من أهل مكة فكتب إليه عبد الملك: إنا لسنا من تخليط ابن الزبير في شئ أما ما زاده في طوله فأقره، وأما ما زاد فيه من الحجر فرده إلى بنائه وسد الباب الذي فتحه. فنقضه وأعاده إلى بنائه.
وفي تاريخ مكة للأزرقي، أن ابن الزبير لما هدم الكعبة وسواها بالأرض كشف عن أساس إبراهيم صلى الله عليه وسلم فوجده داخلا في الحجر ستة أذرع وشيئا وأحجار ذلك الأساس كأنها أعناق الإبل، حجارة حمراء آخذ بعضها في بعض مشبكة كتشبيك الأصابع وأصاب فيه قبرا،