الباب الرابع في شرح أسماء آبائه صلى الله عليه وسلم وبعض أحوالهم على وجه الاختصار عبد الله: عليم منقول من مركب إضافي. أما المضاف إليه ففي كونه منقولا في الأصل أو مرتجلا خلاف مشهور لا نطيل بذكره، وهو الاسم الأعظم للباري تعالى في قول أكثر أهل العلم كما حكاه البندنيجي رحمه الله تعالى، وقد أشبعت الكلام على هذا الاسم العظيم في كتابي " القول الجامع الوجيز الخادم للقرآن العزيز ".
وأما المضاف فإنه صفة في الأصل، كما صرح به ابن الحاجب. والعبد هو المملوك من نوع من يعقل، مشتق من التعبد وهو التذلل.
قال ابن الأنباري (1) رحمه الله تعالى: العبد الخاضع لله، من قولهم: طريق معبد إذا كان وطئها الناس والعبودية: أشرف أوصاف العبد، وبها نعت الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم في أعلى مقاماته وهو الإسراء. كما سيأتي بيان ذلك هناك.
وكنيته قال ابن الأثير: أبو قثم. والقثم من أسمائه صلى الله عليه وسلم، مأخوذ من القثم وهو الإعطاء أو من الجمع، يقال للرجل الجموع للخير: قثوم وقثم. وقيل كنيته: أبو محمد. وقيل أبو أحمد ويلقب بالذبيح، لقول ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فيما رواه ابن سعد، ومعاوية بن أبي سفيان فيما رواه الحاكم، وابن جرير والزهري فيما رواه البيهقي، وابن إسحاق فيما رواه البيهقي: أن أباه عبد المطلب لما أمر في منامه بحفر زمزم ولم يكن له من الولد إلا الحارث وبه كان يكنى. فنذر إن ولد له عشرة نفر ثم بلغوا أن يمنعوه لينحرن أحدهم عند الكعبة. وكان السبب في ذلك كما رواه ابن سعد والبلاذري أن عدي بن نوفل بن عبد مناف والد المطعم قال له: يا عبد المطلب أتستطيل علينا وأنت فذ لا ولد لك؟ فقال عبد المطلب أبا لقلة تعيرني (2)؟! فوالله لئن آتاني الله عشرة من الولد ذكورا لأنحرن أحدهم عند الكعبة. انتهى.
فلما توافي بنوه عشرة وعرف أنهم سيمنعونه - وذلك بعد حفره زمزم بثلاثين سنة - جمعهم ثم أخبرهم بنذره ودعاهم إلى الوفاء لله بذلك، فأطاعوه وقالوا: أوف بنذرك وافعل ما