تنظر إليه، وقالت: يموت وأنا غائبة عنه أهون علي وعسى الله أن يجعل في ممشاي خيرا، فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض إليها، فقامت عليه والوادي يومئذ عميق، فقامت تستغيث ربها وتدعوه، ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدا فلم ترى أحدا فهبطت من الصفا حتى جاوزت الوادي ثم أتت المروة فقامت عليها. ونظرت هل تر أحدا ففعلت ذلك سبع مرات.
قال ابن عباس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلذلك سعى الناس بينهما وكان ذلك أول ما سعى بين الصفا والمروة.
وفي حديث أبي جهم: وكان من قبها يطوفون بالبيت ولا يسعون بين الصفا والمروة ولا يقفون بالمواقف انتهى.
وكانت في كل مرة تتفقد إسماعيل وتنظر ما حدث له بعدها فلما أشرفت على المروة سمعت صوتا فقالت: صه، تريد نفسها، ثم تسمعت فسمعت أيضا فقالت: قد أسمعت إن كان عندك غواث، فإذا هي بالملك. وفي لفظ: جبريل. وفي حديث علي عند الطبراني بإسناد حسن: فناداها جبريل: من أنت؟ قالت: هاجر أم ولد إبراهيم. قال فإلى من وكلكما؟ قالت:
إلى الله تعالى. قال: وكلكما إلى كاف.
وفي حديث أبي جهم: فلما كان الشوط السابع ويئست سمعت صوتا فاستمعت فلم تسمع إلا الأول: فظنت أنه شئ عرض لسمعها من الظمأ والجهد، فنظرت إلى ابنها وهو يتحرك، فأقامت على المروة مليا، ثم سمعت الصوت الأول فقالت: إني سمعت صوتك فأعجبني، إن كان عندك خير فأغثني، فإني قد هلكت وهلك ما عندي. فخرج الصوت يصوت بين يديها وخرجت تتلوه قد قويت له نفسها حتى انتهى الصوت عند رأس إسماعيل ثم بذا لها جبريل عليه السلام فانطلق بها حتى وقف على موضع زمزم. انتهى.
فبحث بعقبه أو قال: بجناحه. وفي لفظ: فقال بعقبه هكذا: وغمز عقبه في الأرض، وفي لفظ: فركض جبريل برجله. وفي لفظ: ففحص الأرض بإصبعه. فنبعث زمزم حتى ظهر الماء وفي لفظ: ففاض الماء، وفي لفظ: فانبثق الماء فوق الأرض. فدهشت أم إسماعيل فجعلت تحفر وفي لفظ تحوضه. وفي لفظ: فجعلت تفحص الأرض بيديها وتقول: هكذا وهكذا. وفي لفظ، تحظر الماء بالتراب خشية أن يفوتها قبل أن تأتي بشنتها وجعلت تغرف من الماء في سقائها وهو يفور بعد ما تغرف.
قال ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم أو قال: لو لم تغرف من الماء - كانت زمزم عينا معينا ". وفي لفظ: ظاهرا.
فشربت وأرضعت ولدها فقال لها الملك: لا تخافي الضيعة فإن ها هنا بيت الله يبنيه