بيضاء سوداء الرأس والذنب، فحرست البيت خمسمائة عام لا يقربه أحد إلا أهلكته، فلم تزل كذلك حتى بنته قريش.
وروى الأزرقي عن عثمان بن ساج (1) - رحمه الله تعالى - قال: بلغنا - والله تعالى أعلم - أن خليل الله - سبحانه وتعالى - عرج به إلى السماء فنظر إلى الأرض: مشارقها ومغاربها، فاختار موضع الكعبة، فقالت له الملائكة: يا خليل الله اخترت حرم الله في الأرض فبناه من سبعة أجبل، ويقولون خمسة، فكانت الملائكة تأتي بالحجارة إلى إبراهيم من تلك الجبال.
وروى الأزرقي عن علي - رضي الله تعالى عنه - وعن مجاهد، وعن بشر بن عاصم (2) متفرقين، أن إبراهيم - عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام - أقبل من إرمينية - وقال مجاهد: من الشام. ومعه السكينة والملك والصرد ليلا، يتبوأ البيت كما تتبوأ العنكبوت بيتها، فحفر فأبرز عن أسها أمثال خلفة الإبل لا يحرك الصخرة إلا ثلاثون رجلا ثم قال الله تعالى: " قم فابن لي بيتا " قال: يا رب وأين أبني؟ فبعث الله - سبحانه وتعالى سحابة فيها رأس تكلم إبراهيم، فقالت: يا إبراهيم إن ربك يأمرك أن تخط قدر هذه السحابة، فجعل ينظر إليها ويأخذ قدرها، فقال له الرأس: قد فعلت.
وفي لفظ: فقالت السكينة: يا إبراهيم ربضت على البيت؟ قال: نعم. فارتفعت السحابة، فأبرز عن أس ثابت في الأرض، فبناه إبراهيم، فلذلك لا يطوف بالبيت ملك من جبابرة الملوك ولا أعرابي جلف إلا وعليه السكينة والوقار.
وروى الأزرقي عن قتادة رحمه الله تعالى قال: ذكر لنا أن إبراهيم صلى الله عليه وسلم بنى البيت من خمسة أجبل: من طور سيناء، وطور زيتا، ولبنان، والجودي، وحراء.
قال السهيلي رحمه الله تعالى: انتبه لحكمة الله تعالى كيف بناها من خمسة أجبل، فشاكل ذلك معناها، إذ هي قبلة الصلوات الخمس عمود الإسلام الذي بني على خمس، وكيف دلت عليه السكينة إذ هي قبلة الصلوات الخمس والسكينة من شأن الصلاة. قال النبي صلى الله عليه وسلم: " وائتوها وعليكم السكينة " (3).
وروى الأزرقي عن ابن إسحاق أن الخليل صلى الله عليه وسلم لما بنى البيت، جعل طوله في السماء