الهضبات فقاما على أرجلهما يدعوان إلى أن غابت الشمس وذهب الشعاع، ثم دفعا من عرفة على أقدامهما حتى انتهيا إلى جمع، فنزلا فصليا المغرب والعشاء في ذلك الموضع الذي يصلى فيه اليوم، ثم باتا فيه حتى إذا طلع الفجر وقفا على قزح، فلما أسفرا قبل طلوع الشمس وقفا على أرجلهما حتى انتهيا إلى محسر، فأسرعا حتى قطعاه ثم عادا إلى مشيهما الأول، ثم رميا جمرة العقبة بسبع حصيات حملاها من جمع، ثم نزلا من منى فجرا في الجانب الأيمن، ثم ذبحا في المنحر اليوم وحلقا رؤوسهما، ثم أقاما أيام منى يرميان الجمار حين ترتفع الشمس ماشين وراجعين، وصدرا يوم الصدر فصليا الظهر بالأبطح، وكل هذا يريه جبريل صلى الله عليه وسلم.
فلما فرغ إبراهيم من الحج انطلق إلى منزله بالشام، وكان يحج البيت كل عام، وحجته سارة، وحجه إسحاق ويعقوب والأسباط والأنبياء وهلم جرا، وحجه موسى بن عمران.
ثم توفى الله - تعالى - خليله بعد أن وجه إليه ملك الموت فاستنظره إبراهيم، ثم أعاده إليه لما أراد الله تعالى قبضه، فأخبره بما أمر به فسلم لأمر ربه. فقال له ملك الموت: يا خليل الله على أي حال تحب أن أقبضك؟ قال: تقبضني وأنا ساجد. فقبضه وهو ساجد.
ودفن إبراهيم صلى الله عليه وسلم بالشام.
وعاش إسماعيل بعد أبيه ما عاش وتوفي بمكة فدفن بالحجون مما يلي باب الكعبة، وهناك قبر أمه هاجر دفن معها، وكانت توفيت قبله.
انتهى حديث أبي جهم.
تنبيه في بيان غريب ما سبق المناطق: جمع منطق بكسر الميم وسكون النون وفتح الطاء هو ما يشد به الوسط وفي لفظ: النطق بضم النون والطاء وهو جمع نطاق، مثل كتاب وكتب. قال في النهاية: وهو أن تلبس المرأة ثوبها ثم تشد وسطها بشئ وترفع ثوبها وترسله إلى الأسفل عند معاناة الأشغال لئلا تعثر في ذيلها.
تخفضيها: أي تختنيها، يقال خفضت الجارية خفاضا: ختنتها، فالجارية مخفوضة، ولا يطلق الخفض إلا على الجارية دون الغلام.
العضاة: بعين مهملة مكسورة فضاد معجمة: شجر الشوك كالطلح والعوسج والهاء أصلية، الواحدة عضة بالهاء وبالتاء كعدة والأصل عضهة كعنبة.
السلم بفتحتين: شجر من العضاة واحدثه سلمة بفتحتين.
السمر بفتح المهملة وضم الميم من شجر الطلح والواحدة سمرة.
الربوة مثلثة الراء: المكان المرتفع. مدرة بفتحات جمعها مدر مثل قصب، وقصبة، وهو